حذر المشاركون في ندوة علمية من خطورة استمرار الزحف العمراني بمعدلاته الحالية في مصر حيث توقعت أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع درجات الحرارة في مصر بنسبة تتراوح ما بين 20 إلى 30 في المئة من معدلاتها الطبيعية. وشهدت مصر خلال الفترة الأخيرة ارتفاعا غير مشهود في درجة الحرارة إذا بلغت دراجة الحرارة في المتوسط في جميع المحافظات 42 درجة، علما بأن مصر تتمتع بمناخ رطب خاصة في منطقة الدلتا إلا أن الارتفاع الكبير في درجة الحرارة فسر بتأثير ظاهرة الاحتباس الحراري على معظم أجزاء الكرة الأرضية ومنها مصر وبسبب منخفض الهند الموسمي الذي عزا إليه الخبراء السبب في ارتفاع درجة الحرارة.

وأوضح المشاركون في الندوة التي نظمتها الهيئة القومية للاستشعارعن بعد وعلوم الفضاء بالتعاون مع مركز البحوث الزراعية بعنوان «المخاطر البيئية والديموغرافية للزحف العمراني على الدلتا ووادي النيل» أن أحدث الدراسات التي أجراها العلماء أثبتت أن نسبة تلوث الهواء في مصر تتراوح ما بين 7 إلى 10 أضعاف الحد الأقصى المسموح به في المناطق السكنية وأن معدل تلوث هواء القاهرة أضعاف المعدلات المسموح بها دوليا بسبب المناطق الصناعية وحرق القمامة والجور على الأراضي الزراعية.

وكانت لجنة الزراعة والري بمجلس الشورى (الغرفة الثانية بالبرلمان) برئاسة د. حسين حجازي قد حذرت من خطورة إقامة مصانع على الأراضي الزراعية وطالبت الحكومة بإقامة المصانع التي كانت مقترحة بالغربية إلى وادي النطرون وقالت إن ذلك سيؤدي إلى اختفاء الأراضي الزراعية في مصر بمرور الوقت وارتفاع درجة الحرارة في مصر نظرا لزيادة نسبة العوادم والمخلفات التي تخرجها المصانع ما سيؤثر على طبيعة الحياة في مصر.

حدود الأمان

وقال رئيس مركز البحوث الزراعية الدكتور أيمن أبو حديد إن نسبة التلوث الهوائي بالقاهرة تجاوز حدود الأمان والتي جعلتها تحتل مكان الصدارة بين دول العالم المختلفة في درجة التلوث مشيرا إلى أن حجم النفايات الصلبة «القمامة» على مستوى الجمهورية يقدر يوميا بـ22 ألف طن منها 14 ألف طن قمامة من المنازل والشوارع و8 آلاف طن مخلفات مبان ومرافق عامة، كما أن مشاكل البيئة الحقيقية بدأت تظهر في مصر نظرا لارتفاع معدل النمو السكاني وتعرض الأراضي في محافظات الدلتا ووادي النيل للزحف العمراني العشوائي الذي يسبب تآكل الرقعة الزراعية. وزادت في الفترة الأخيرة حالات التعدي على الأراضي الزراعية في مصر خاصة على نهر النيل نفسه وفرعيه على مستوى الجمهورية حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من إزالة 9 آلاف و36 حالة تعد على نهر النيل وفرعية منها 263 حالة على مستوى القاهرة الكبرى و39 حالة تعد بإقامة مبان سكنية و115 حالة تعد بالرد، حيث بلغت المخالفات إلى ان تم تحريرها حتى أول مارس 2009 فقط وحتى مايو الماضي 11 ألفا و130 محضرا مخالفا بمختلف المحافظات منها 372 محضرا مخالفا بنطاق القاهرة الكبرى، كما بلغت كميات الردم التي تم إزالتها بنطاق القاهرة الكبرى حوالي 250 ألف متر مكعب ما بين مخالفات قديمة ومخالفات مستجدة.

وأشار د. أيمن أبو حديد إلى حدوث زيادة ملحوظة في التلوث الناجم عن الصرف الصحي في مياه شواطئ شرق الإسكندرية ما يهدد الكائنات الحية بالبيئة البحرية بهذه المنطقة كما أن البحيرات المصرية في شمال الدلتا «مريوط، إدكو، البرلس، والمنزلة» تعاني من حالة تلوث حاد ناتج عن الصرف الصناعي والصحي والزراعي. ودعا رئيس مركز البحوث الزراعية إلى ضرورة إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة لا تكون امتدادا لمجتمع الوادي والدلتا واستخدام موارد أرضية جديدة لتنمية الزراعية بالصحراء الغربية والبحر الأحمر، وشمال سيناء مع استحداث طرق غير تقليدية لتوليد الطاقة وتوفير المياه، وتطوير أراضي البناء القديمة التي أتلفت الأراضي الزراعية وعمل حرم مواز للطرق الرئيسية والدائرية مع نقل المصانع الملوثة للبيئة من منطقة الدلتا إلى خارجها مع محاولة إعادة تأهيل التربة للاستفادة منها سواء باستخدامها صوبات زراعية أو إقامة مشروعات خدمية.

من جانبه، أكد رئيس الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء د. أيمن الدسوقي أهمية استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد وبيانات الأقمار الصناعية ونظم المعلومات الجغرافية في تتبع الزحف العمراني على الأراضي الزراعية بالوادي والدلتا ووضع خريطة واضحة لمقدار التعديات واتجاهاتها على الأراضي الزراعية بمختلف أنحاء الجمهورية. وقال إن أحدث الدراسات التي تمت باستخدام مرئيات صور الأقمار الصناعية أثبتت أن مصر فقدت حوالي مليون و200 ألف فدان من الأراضي الزراعية الخصبة معظمهم يقع في الدلتا. وأضاف أن كمية الأراضي الزراعية المفقودة بسبب الزحف العمراني تتزايد يوميا ما جعل مشكلة التعديات على الأراضي الزراعية من أهم المشاكل المعاصرة لما تشكله من خطورة على الأمن الغذائي مشيرا إلى أن الدراسات التي أجراها علماء الهيئة باستخدام تقنيات الاستشعار من البعد أثبتت وجود تناقص في مساحة الأراضي الزراعية في محافظة كفر الشيخ بمعدل 3.1 في المئة كل عام، كما فقدت محافظة القليوبية 2668 فدانا على مدى 12 عاما، ومحافظة المنوفية 4374 فدانا على مدى 22 عاما. وأكد رئيس شعبة التطبيقات الهندسية والمياه بالهيئة د. عباس زغلول ضرورة اعتبار الدلتا ووادي نهر النيل محمية طبيعية يحظر البناء عليها على أن يتم إحلال مرافق الخدمات العامة القديمة الموجودة حاليا بأخرى حديثة متطورة مع التوسع الرأسي، وطالب بإعادة تخطيط وتقسيم الخريطة الإدارية لمحافظات مصر بحيث يكون لكل محافظة مساحة من الظهير الصحراوي الذي تمتد فيه عمرانيا وتقام فيه مشروعات التنمية الصناعية والأنشطة الأخرى الخدمية من مستشفيات ومدارس.

الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية

الإدارة العامة لمركز المعلومات

المصدر :

 http://www.annaharkw.com/annahar/Article.aspx?id=154703

إعداد : أمانى إسماعيل