قطاع الإنتاج السمكى أحد القطاعات الهامة، ويعتبر قطاعاً واعداً يضاهى قطاعات إنتاجية أخرى متميزة. ومشاكل القطاع معروفة ومتنوعة ومنها ما هو سهل حلها منها وما يصعب حلها ولذا فلابد من ترتيب الأولويات عند إيجاد الحلول مع التركيز على الإنتاج السمكى النظيف والمتوافق مع البيئة للمحافظة على صحة المواطنين.
ومجال الإنتاج السمكى مجال واعد جدا ويمكننا الوصول للإكتفاء الذاتى فى خلال أعوام قليلة وتصدير الفائض وهذا سيكون له آثار اجتماعية وسياسية وصحية واقتصادية عظيمة على جميع العاملين بالقطاع بصفة خاصة والمواطن المصرى بصفة عامة، وخاصة التوسع فى الاستزراع السمكى فى الصحراء بما يساهم فى تحقيق خطط الدولة التنموية والانتشار 25% من مساحة مصر للحد من الكثافة السكانية المرتفعة واستيعاب البطالة ، حيث أن الاستزراع السمكى الشبه مكثف والمكثف فى الصحراء، مع العمل على تدوير المياه بأقصى كفاءة ممكنة حتى لا تكون المياه عائقاً من معوقات الاستثمار هو أحد الطرق الرئيسية لغزو الصحراء وذلك لن يتحقق إلا عن طريق رؤية مستقبلية لتشغيل قطاع الإنتاج السمكى الحكومى الذى يجب أن يتحرر من البيروقراطية لإحداث تنمية حقيقية، كما يجب أن تتحرر الدولة من عمليات التشغيل وأن تقوم بتأجير جميع المزارع والمفرخات ومصانع الأعلاف وخلافه، والتفرغ لعمليات التخطيط والمتابعة والتدريب والارشاد من أجل تنفيذ الخطط التنموية الموضوعة وزيادة الايرادات الخاصة والعامة بما يحقق المصالح القومية للبلاد، وهذا يتطلب اعادة النظر فى كافة التشريعات القائمة لتحقيق هذه الأهداف.
هناك العديد من النقاط يمكن أن تساهم فى تطور هذا القطاع واعادة إحداث نهضة جيدة تساهم بلا شك فى حل بعض مشاكل توفير الغذاء فى مصر خصوصاً فى ظل الظروف الاجتماعية والمجتمعية والعالمية الجارية. ومنها على سبيل المثال، الاتجاه للاستزراع فى الصحراء وأقصد بذلك المشاريع الزراعية المتكاملة حيث يعتمد المشروع على المياه الجوفية التى يتم ضخها فى أحواض أسمنتية أو فيبر جلاس ويتم زراعة الأسماك ثم يستخدم صرف هذه المياه فى الزراعة النباتية، وهذه الطريقة تتميز بالعديد من المميزات، فالزراعة هنا حيوية والمياه المستخدمة مياه جوفية نقية، أى أن الأسماك المنتجة خالية من الملوثات وبالتالى تصلح للتصدير وتمكننا من فتح أسواق خارجية لمنتجاتنا، كما أن أسعار الأرض فى المناطق الصحراوية أقل بكثير من مثيلاتها فى المناطق الزراعية حول النيل، بالاضافة لكل ذلك أن مياه صرف الأسماك ستكون محملة بالأسمدة الطبيعية اللازمة للنبات وبالتالى ستزداد انتاجية الإنتاج النباتى وتقل تكلفته، كما يحبب الاتجاه للتربية البحرية، ورغم أن هناك خطوات اتخذت فى هذا المجال إلا أنها لا تقارن بالنجاح الذى حققه تربية أسماك المياه العذبة.
والموضوع هنا يحتاج إلى تكاتف حقيقى لكل من الجهات البحثية والجهات التنفيذية، فإنتاج الأسماك البحرية يعنى إنتاج أسماك مرتفعة الثمن لها سوق كبير فى التصدير مما يشجع المستثمرين على الاستثمار فى هذا النشاط وتطويره كما يجب البحث عن بدائل أخرى للعلف، حيث أن استخدام نفس المكونات التى نستخدمها الآن فى صناعة الأعلاف وفى ظل الأسعار وتقلبات السوق الحالية يمكن أن يؤدى لإنهيار حقيقى فى تربية الأسماك وربما يهدد نشاط الإنتاج الحيوانى والزراعى برمته، وبالطبع فهذه النقطةهى الأخرى تحتاج لتكاتف الجهات البحثية والتنفيذية للوصول لأفضل الحلول.
لقد حان الوقت لتشجيع مشروعات الاستزراع السمكى فى الصحراء اعتماداً على تدوير المياه الجوفية بين الأسماك والمحاصيل الزراعية لمضاعفة الإنتاج مع توفير فرص عمل للشباب مع زيادة إهتمام الدولة ودعمها لهذا النشاط مثل تقليل أو خفض الجمارك على مستزمات الاستزراع السمكى وكذلك تمويل المشاريع المقامة والمشاريع الجديدة بفائدة بسيطة. والنظر فى أسعار تأجير المزارع السمكية حتى لا تكون عرضة للمضاربة من التجار وكبار المستثمرين وكذلك حماية الإنتاج السمكى من التسمم بالموثات المائية والحرص على الاستزراع وتربية الأسماك فى مياه نقية بعيداً عن الصرف الصحى أو الزراعى والصناعى.
لقد تضاعف الاستزراع حوالى 25 مرة خلال الربع قرن الماضى فى حين أن الصيد الحر تضاعف ثلاث مرات فقط خلال نفس الفترة، مما يجعل من الضرورى وضع خطة قومية لاستمرار تطور الإنتاج السمكى فى مصر من خلال جذب المزيد من الاستثمارات إلى هذا القطاع مع التركيز على الاستزراع السمكى المتكامل لضمان الاستفادة من المياه عدة مرات وهو سبيل ما زال يمكن مضاعفته خلال فترة زمنية قصيرة والوصول إلى إنتاجيات عالية من وحدة المساحة والتى يمكن أن تتضاعف عدة مرات عما هى عليه الآن، وذلك من خلال تطبيق التقنيات الحديثة فى مجال الاستزراع السمكى الأمر الذى سينعكس بدوره على تطوير إنتاج الأسماك فى مصر.