ثلاث سنوات هى فترة عملهم البحثى فى بحيرة قارون، كانوا شهوداً على انتشار طفيل «الإيزوبود» الذى قضى على أسماك البحيرة، منذ ظهوره عام 2013 وحتى انتشاره وقضائه على جميع أسماك البحيرة، وبعدما كان عائله السمك الحى أصبح العائل السمك الميت والمتعفن، وبعدما كان هناك 4 أنواع منه ظهر نوع خامس، وهو ما أكدته الدكتورة نسرين عز الدين، أستاذ بقسم الطفيليات بكلية الطب البيطرى بجامعة القاهرة، ورئيس فريق العمل البحثى على مشكلات بحيرة قارون، والباحث الرئيسى فى مشروع طفيل الإيزوبود فى المسطحات المائية المصرية بتمويل من جامعة القاهرة.
وقالت «نسرين»،إن أبحاث الفريق توصلت إلى وضع استراتيجية للحد من انتشار طفيل «الإيزوبود» فى بحيرة قارون لإعادة الحياة إلى البحيرة.
د. نسرين عز الدين: توصلنا إلى استراتيجية لمواجهة انتشار «الإيزوبود»
■ كيف تم تشكيل لجنة تنمية بحيرات الفيوم؟
- نحن فريق عمل بحثى كان جزء منا يعمل على بحيرة قارون منذ 3 سنوات، وقتها قدمنا مشروعاً بحثياً عن البحيرة إلى رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار، ومن خلال عملنا فى الفيوم طوال هذه الفترة طلب منا النائب أشرف عزيز إسكندر، عضو مجلس النواب، التواصل مع محافظ الفيوم الدكتور جمال سامى، وأصدر المحافظ فى 2016 قراراً بتشكيل لجنة تكون مسئولة عن مواجهة المشاكل فى بحيرتى قارون والريان.
■ 3 سنوات هى فترة عملكم على مشاكل البحيرة.. فإلى أى مدى وصل الوضع البيئى للبحيرة حالياً؟
- الوضع البيئى فى بحيرة قارون وضع كارثى، البحيرة تعانى من مشكلتين أساسيتين، الأولى مشكلة التلوث الناتجة عن إلقاء مياه الصرف بأنواعه فى البحيرة وهى مشكلة قائمة منذ فترة طويلة وعلاجها سيكون على المدى الطويل، أما المشكلة الثانية فهى أن طفيل «الإيزوبود» غزا بحيرة قارون وقضى على الثروة السمكية بها.
■ كيف تمكن الطفيل من الانتشار بهذه السرعة والقضاء على الثروة السمكية فى البحيرة؟
- المشكلة الكبيرة فى بحيرة قارون أنها بحيرة مغلقة، وهذا الأمر ساعد على انتشار الطفيل بشكل كبير، لأن الطفيل قوى جداً، تخيلى أنك وضعتِ طفيلاً قوياً فى بحيرة مغلقة مع عائله «السمك»، وهو ما انعكس على زيادة انتشار الطفيل بشكل كبير، فضلاً عن تحور الطفيل الذى أصبح يصيب السمك الميت، بعد أن كان لا يصيب إلا السمك الحى.
■ هل معنى ذلك أن بحيرة قارون أصبح بها أنواع من الطفيل غير متعارف عليها عالمياً؟
- طفيل «الإيزوبود» له أكثر من نوع، نحن كفريق بحثى صنّفنا منه 4 أنواع فى «قارون» وحالياً أصبحت 5 أنواع، كل نوع مصنف أنه يصيب نوعاً واحداً من السمك وفقاً للأبحاث العالمية، اليوم تجاربنا أثبتت أن الطفيل الموجود فى «قارون» يصيب أى سمكة موجودة فى البحيرة.
الطفيل منتشر فى جميع بحيرات مصر وتحوّر وأصبح يعيش على الأسماك النافقة.. والسبب زريعة هيئة الثروة السمكية المقبلة من منطقة المعدية بالإسكندرية
■ هل الأسماك المصابة بالطفيل لها أضرار مباشرة على الإنسان؟
- الطفيل لا يسبب ضرراً حتى الآن على الإنسان، لا التجارب العلمية الأجنبية أثبتت ذلك ولا تجاربنا المعملية، «فالإيزوبود» طفيل مهيأ للبيئة المائية ومسجل للسمك وليس للإنسان.
■ انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل برفضك تسلم زريعة جمبرى كانت مقبلة للبحيرة بعد وصولها نافقة.. كيف قضى طفيل «الإيزوبود» على أسماك البحيرة وفى الوقت نفسه يتم جلب زريعة جمبرى؟
- قرار جلب الزريعة لم يكن اقتراحنا، فمحافظ الفيوم لا يأخذ قرارات فردية حيث يعقد اجتماعات مع الجهات المسئولة عن البحيرة فى المحافظة مرة كل 3 أسابيع، وفى أحد الاجتماعات تطرقنا إلى معاناة الصيادين من عدم وجود أسماك فى البحيرة نتيجة لانتشار طفيل «الإيزوبود» وقضائه على الأسماك، وعيش أغلبهم على اصطياد الجمبرى «الدلف» الصغير، وهو لا يسد احتياجات 605 مراكب، فكان الاقتراح من المجموعة كلها أن يتم شراء زريعة من الجمبرى ووضعها فى البحيرة.
■ هل معنى ذلك أن الجمبرى هو الكائن البحرى الوحيد الذى لم يتأثر بالطفيل حتى الآن؟
- حتى الآن الجمبرى لم يُصَب بالطفيل، نتيجة التركيب الجسمانى له، لأنه محاط بطبقة من القشر السميكة، والطفيل يعيش على أجساد السمك من خلال غرس مخالبه والتصاقه سواء بجسم السمك أو على الخياشيم واللسان، كذلك لا توجد أبحاث حتى الآن تفيد إصابة الطفيل للجمبرى.
■ لماذا رفضت تسلم زريعة الجمبرى وتحرير محضر بالواقعة؟
- لأن نفوق زريعة الجمبرى يعد إهداراً للمال العام، وتجب محاسبة المقصر على ذلك، خاصة أن نفوق الزريعة الواصل عددها 63 ألف وحدة جاء نتيجة عدم اتباع اشتراطات النقل، رغم وجود لجنة تابعة لهيئة الثروة السمكية ومعهم أشخاص من الفيوم ومندوب عن نائب الفيوم لجلب الزريعة.
■ صرحتِ بأن سبب إصابة بحيرة قارون بطفيل «الإيزوبود» مصدره الزريعة التى تأتى إلى البحيرة.. فكيف توصلتِ لذلك؟
- هذا الموضوع تم التوصل إليه عندما ذهبنا كفريق بحثى برفقة النائب أشرف عزيز إسكندر إلى منطقة المعدية بالإسكندرية حيث يوجد هناك مركز متعاقد مع هيئة الثروة السمكية لتوريد الزريعة، وكان ذهابنا إلى هناك لهدفين أولاً مراجعة عملية عد الزريعة بعد وجود شكوى من الصيادين أن طريقة العد يتم التلاعب بها، وثانياً يتم التأكد من نوع الزريعة التى يتم إعطاؤها للصيادين حيث اشتكى الصيادون من أنهم يحصلون على زريعة مختلطة، والهدف الأهم أننا كفريق بحثى كنا نحاول إثبات فرضيتنا أن مصدر الطفيل المنتشر فى البحيرة هو زريعة السمك، خاصة بعد الهجوم الذى تعرضنا له من هيئة الثروة السمكية، وعندما سألَنا المحافظ فى أحد الاجتماعات عن سبب انتشار الطفيل فى البحيرة وأجبناه بأن المصدر هو الزريعة، وهو الأمر الذى رفضه ممثلو الثروة السمكية بالمحافظة معللين ذلك بأن الزريعة يتم فحصها جيداً قبل وضعها فى البحيرة، فكان الرد أن الفيصل بيننا سيكون على أرض الواقع، وبالفعل ذهبنا إلى المركز المتعاقد مع الهيئة فوجدنا «الإيزوبود» تجرى فى أرضية الحوض الكبير الذى يوجد به زريعة السمك وقمنا بتوثيقها بالصوت والصورة وسلمناها لمحافظ الفيوم وللدكتورة منى محرز نائب وزير الزراعة وكانت فى زيارة فى الفيوم وقتها.
قرار جلب زريعة الجمبرى جاء لتعويض الصيادين عن خسائرهم بعد قضاء الطفيل على أسماك البحيرة
■ هل صحيح أن طفيل «الإيزوبود» موجود فى بحيرات أخرى غير بحيرة قارون؟
- نعم يوجد فى بحيرات أخرى غير قارون مثل بحيرات المنزلة والبرلس، ويوجد أنواع أخرى منه فى البحر الأحمر، ويوجد أيضاً فى كل شواطئ البحر المتوسط، أى بحيرة مصدرها مياه البحر المتوسط أو مفتوحة على البحر المتوسط يوجد بها الطفيل، فالبحر المتوسط ملىء بالطفيل وكل الزريعة التى تأتى لبحيرات مصر تأتى محملة بالطفيل من المتوسط.
■ وهل يوجد إجراءات يجب اتباعها للحد من انتشار الطفيل؟
- الإجراء الوحيد والنصيحة التى يجب العمل بها للحد من انتشار الطفيل، أن تقوم الجهة الوحيدة التى تورد إلى مصر كلها الزريعة بـ«مفرخات للزريعة»؛ «مينفعش أروح أكبش من البحر وأرمى السمك على طول فى البحيرات»، أنا بعمل كوارث، البحر فيه طفيليات أخرى كبيرة ضارة بالبحيرات.
■ متى نستطيع إعادة الحياة لبحيرة قارون كما كانت قبل انتشار الطفيل؟
- مبدئياً لو جاءت لنا دفعات جمبرى بكميات معقولة سوف يكون فى صالح البحيرة على الأقل سوف يحدث توازن بيئى، وعندما يتم الانتهاء من محطات المعالجة سوف ينعكس على وضع البحيرة بشكل إيجابى، ونتمنى بعد تحسن الأوضاع فى البحيرة أن تتم مراعاة الاشتراطات اللازمة حتى لا يعود الطفيل إليها.
