أهمية الدراسة

تؤدى المواد البشرية دورا مهما في عملية الاقتصادية والاجتماعية بالذات في الدول النامية، ذلك لأنها تمثل العنصر الأكثر حسما في تحقيق التنمية. إذ أنها تساهم بشكل مباشر في هذه العملية من خلال عنصر العمل كما، أنها تسهم من خلال التنظيم في تعبئة الموارد الأخرى وضمان حسن كفاءة استخدامها، إضافة إلى أن غاية التنمية وهدفها النهائي هو الارتفاع بمستوى هذه الموارد البشرية.

تنبع أهمية البحوث من سعى مصر الدائم والمستمر إلى الارتقاء بمعدلات التنمية الاقتصادية وهو ما لا يمكن حدوثه إلا من خلال الارتقاء بمعدلات التنمية البشرية وقد أصبحت تنمية الموارد البشرية جزء لا يتجزأ من النمو الاقتصادي لأي دولة بل وأصبحت ركنا أساسيا في المفهوم العام لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

يتميز هذا البحث بأهمية خاصة باعتباره يسلط الضوء على أهمية تنمية الموارد البشرية في محافظة شمال سيناء من موقع متميز لجمهورية مصر العربية وتحتل أكثر من 27 ألف كم مربع من مساحة الآراض المصرية ونظرا للأهمية الاقتصادية لها وما أظهرته الدراسات من توافر العديد من الموارد والثروات فقد قامت الدولة بالفعل بالاهتمام بهذه القطعة الغالية من أرض الوطن والعمل على القضاء على عزلتها وجعلها منطقة جاذبة للسكان بعد أن كانت في فترة من الفترات منطقة طاردة لهم، وتبلور اهتمام الدولة في قيام المخططين بوضع المشروع القومي لتنمية سيناء في سنة 1994 والذى يعتبر من أهم وأكبر مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي أقدمت عليها مصر منذ نهاية الحرب العالمية سواء من الناحية الاستراتيجية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.

بالتالي تصبح التنمية البشرية لشمال سيناء بمثابة الحصول على ثروة اقتصادية جديدة ودعما حقيقيا لتقدم مسيرة التنمية الاقتصادية في مصر. وذلك من خلال الاهتمام بالتنمية البشرية كمدخل أساسي للتنمية الشاملة خاصة التنمية الاقتصادية وفى ظل التوجيه العالمي لاستثمار العنصر البشرى وإعداده ليتلاءم مع التحديات المعاصرة.

ستحاول الدراسة توضيح مفهومي التنمية الاقتصادية والتنمية البشرية وكذلك تطور قياس التنمية البشرية وتوضيح مؤشرات التنمية البشرية والاقتصادية في مصر وكذلك شمال سيناء ودراسة العلاقة المتبادلة بين التنمية البشرية والاقتصادية في محافظة شمال سيناء.

أهداف الدراسة

ستحاول الدراسة الحالية تحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسية هي:

1ـ عرض شامل لمفاهيم التنمية البشرية والاقتصادية وكذلك الأساليب المختلفة التي استخدمت لقياس مستوى التنمية.

2ـ توضيح العلاقة التبادلية بين التنمية البشرية والتنمية الاقتصادية.

3ـ التعرف على الوضع الحالي للتنمية البشرية والاقتصادية في مصر بصفة عامة ومحافظة شمال سيناء بصفة خاصة.

4ـ التعرف على أهم الانعكاسات الاقتصادية للتنمية البشرية مع محاوله   قياس تلك الانعكاسات في حالة محافظة شمال سيناء.

أولا: النتائج:

خلصت الدراسة من خلال الفصول الخمسة التي تناولتها إلى بعض النتائج الهامة التي يتعين إبرازها في نهاية هذا العمل وهي:

1ـ لم يكن موضوع التنمية البشرية وليد تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي صدر لأول مره عام 1990، بل إن العكس هو الصحيح فتبنى هذه المنظمة للموضوع جاء نتيجة لشيوع الاهتمام به خلال العقود الماضية. ولا يعدو ما قدمته تقارير التنمية البشرية سوى معالجه أكثر شموليه للبعد البشرى ضمن سلسلة من المعالجات المختلفة عبر المراحل المختلفة لتطور الفكر التنموي. وقد تأثرت هذه المعالجة بكل المعالجات السابقة بحيث يمكن اعتبارها نتاجا طبيعيا لهذه المعالجات. 

2ـ رغم ما يتميز به منهج التنمية البشرية من اهتمام شامل بالبشر إلا إن تعريف التنمية البشرية على أنها توسيع الخيارات المتاحة أمام البشر، يعاني من عدم وضوح الرؤية حول المحتوى المادي وغير المادي الذي يشمله مفهوم التنمية البشرية. ومن ثم قد يكون المفهوم الأكثر تحديدا للتنمية البشرية هو انها تعنى: توسيع الخيارات أمام البشر من خلال التمكين الذي يعنى ببناء قواعد المعارف والمهارات لدى الأفراد وبما يؤدى إلى تدعيم وتنمية قدراتهم على توليد المعرفة والثروة معا فضلا عن تكوين وبناء ثقافة دافعه للتغيير نحو الأفضل "وبهذا التعريف تحتوي التنمية البشرية على حقوق الإنسان والتنمية الشاملة والديمقراطية معا لان أحد عوامل القوة الدافعة نحو التغيير إلى الأفضل هو العمل على تعدد البدائل وتوسيع مساحة الاختبار المتاحة والممكنة.

3ـ التنمية البشرية أوسع من أن يقيسها دليل واحد مركب. فدليل التنمية البشرية ـ رغم أهمية ـ يعاني من العديد من أوجه القصور التي تحد من دلالته كمقياس للتنمية البشرية. فهو لا يعالج المسائل الأخلاقية والمرتبطة بالسياسة العامة من حيث ضرورة التمييز بين عدم الإنصاف وعدم المساواة فى عملية القياس ومن أبرز شوائب دليل التنمية البشرية المعدل بعامل عدم المساواة وعدم قدرته على تبيان الترابط بين الأبعاد وبالتالي عدم قدرته على قياس الفوارق المتداخلة. ولتفادي هذه المشكلة يجب أن يكون قياس جميع البيانات المتعلقة بكل فرد مستمده من مسح واحد غير أن ذلك مستحيل في الوقت الراهن.

4ـ تشير الأدبيات وتجارب التنمية إلى أن رفع معدلات النمو المستديم يتم عن طريق زيادة الطاقة الإنتاجية والإستثمارات في الأصول الملموسة وغير الملموسة (مثل الابتكار والتعليم والتدريب)، وهو ما يشكل مركزا لتحقيق أهداف رفع الإنتاجية ومستويات التشغيل على أماد طويلة. كما أن تعليم المراءة له أثر هام على النمو الاقتصادي حتى إذا لم يتم توظيف تعليمها في الحياة العملية، حيث أن المرأة الأفضل تعليما تؤثر في أطفالها تأثيرا يفوق بكثير تأثير الأباء في مجالات الصحة والتغذية. 

5ـ تؤثر الصحة على النمو الاقتصادي من خلال إنتاجية العمل ومن شان تحسين الصحة والسماح للعامل بكفاءة أكبر، وزيادة كمية فعالية ساعات العمل، وخفض احتمال التغيب عن العمل، ومن شان تحسين الوضع الصحي أيضا زيادة الحياة وبالتالي إطالة متوسط سن العمل الذي من شانه أن يشجع الاستثمار في التعليم. لان العائد على الاستثمار في التعليم هو أعلى فعالة مع أطول وقت للعمل ومن شان كل هذه القنوات أن تودي إلى تحسين الإنتاجية في العمل مما يؤدى إلى النمو الاقتصادي.

6ـ حققت مصر طفرة كبيرة في تحقيق العديد من الأهداف الإنمائية مما أثر على ترتيبها في تقرير التنمية البشرية فانتقلت من المرتبة 120عام 2001إلى المرتبة 101 عام 2010 إلى المرتبة 113 عام 2011.

7ـ تتضافر الشواهد على إن مصر بلد فقير، فغالبيه المصريين فقراء يزداد انتشارا. والمحصلة النهائية للأوضاع الاجتماعية في مصر مازالت ضعيفة للغاية ومازال قطاع لا باس به من السكان، خاصة الفقراء لا يشعرون بهذا التحسين ويرجع السبب في ذلك إلى سوء توزيع الخدمات على المستوى القومي.

8ـ برغم التواجد الكثيف لمنظمات المجتمع المدني بالمحافظة فانه من الملاحظ عدم وجود أية روابط تنسيقة أو تكاملية بين هذه المنظمات العاملة في القطاعات المتعددة، بل حتى التي تعمل في قطاع واحد ـ مثل المنظمات التعاونية ـ ولعل اختفاء مثل هذه الروابط التي تيسر التعاون والتنسيق وعدم التكرار أو الازدواج في الأنشطة الأهلية يستلزم بذل المزيد من الجهود من أجل تفعيل الروابط والتنسيق فيها بين منظمات المجتمع المدني بالمحافظة. 

9ـ تعتمد محافظة شمال سيناء بشكل أساسي على التنمية الزراعية في الساحل الشمالي خاصة في منطقة شرق العريش حيث يزداد سقوط الأمطار كلما اتجهنا شرقا حيث جودة التربة والمياه الجوفية وخبرة المزارعين وقد قام المواطنون باستزراع نحو 300 ألف فدان بالجهود الذاتية منها (197) ألف فدان على مصادر مياه مستقرة والباقي يعتمد بصفة أساسية على الري من مياه الأمطار والسيول.

10ـ تتمتع المحافظة بشواطئ ممتدة على البحر المتوسط وبحيرة البردويل الخالية من أي مصدر التلوث ساعد على إنتاج نوعية من الأسماك ذات سمعه محلية وعالمية تتجاوز 4500 طن سنويا.

11ـ تتنوع مقومات الجذب السياحي للمحافظة لتضم مقومات طبيعية ـ وتاريخية ـ سياحية الترانزيت ـ الواحات الطبيعية ـ مشاهدة الطيور ـ سياحة اليخوت وقد تحددت أنواع السياحة على النحو التالي: (سياحة شاطئيه ـ سياحة أرباب المعاشات ـ سياحة المؤتمرات ـ السياحية العلاجية ـ السياحة التاريخية ـ السياحة الدينية ـ السياحة البيئية ـ السياحة الصحراوية ـ سياحة الواحات ـ سياحة اليخوت والرياضات المائية ـ سياحة الترانزيت).

12ـ تزخر المحافظة بالعديد من الخامات المعدنية وباحتياطيات كبيرة ساعد على بناء منظومة من المناطق الصناعية لاستثمار قدرات هذه المنطقة.

13ـ تركز معظم الخدمات في مدينة العريش وانخفاضها في وسط سيناء (الحسنة، نخل).

14ـ من خلال التحاليل الإحصائي نلاحظ انه يوجد علاقة طردية بين متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي ومؤشرات التنمية البشرية (الصحة والتعليم) في محافظة شمال سيناء.

15ـ نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي يفسر 32% من التغير في دليل الصحة، وبالنسبة لتأثير نصيب الفرد من النتائج المحلى على التعليم نلاحظ أن نصيب الفرد من النتائج المحلى الإجمالي يفسر 76 % من التغير في دليل التعليم.

16ـ يوجد علاقة طردية بين مؤشرات التنمية البشرية (الصحة ، التعليم ) والنتائج المحلى الا جمالي .

                                                 اعداد / أحمد مصطفى
                                               إشراف / أماني إسماعيل
       رسالة مقدمة من
هبة الله أحمد سيد أحمد سليمان