وقد استهلت أعمال اليوم الأول من المؤتمر بكلمة معالي الوزير حميد القطامي الترحيبية التي أكد فيها على أهمية تنظيم هذا المؤتمر الذي يأتي التزاماً بتوجهات الحكومة الرشيدة لدولة الإمارات الرامية إلى الاستثمار في تطوير الموارد البشرية وتنميتها، وتجسيداً لرؤية الإمارات 2021، التي تؤكد في مجمل توجهاتها على رغبة الدولة في أن تكون واحدة من أفضل دول العالم بحلول العام 2021 من خلال الوصول إلى مكانة تتميز فيها الموارد البشرية وتتمتع بالكفاءة والفاعلية، وتضطلع بدور محوري في تحقيق رؤية حكومة الدولة. 
كما عبر معاليه على أهمية الموارد البشرية قائلاً: ” يعد تعزيز قدرات الموظفين وتطوير مهاراتهم أحد أبرز الأولويات التي تسعى مختلف بلدان العالم إلى تعزيزها، وذلك عبر استقطاب الكفاءات البشرية المؤهلة وتحفيزها والمحافظة عليها في الوظائف المستهدفة، ضمن السياسات والبرامج والأنظمة الخاصة بالموارد البشرية وفق معايير الجودة والكفاءة الشفافية.” 
ومن جانبه عبر سعادة الدكتور عبد الرحمن العور، مدير عام الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، عن بالغ فخره بهذا الجمع المتميز في إمارة دبي من خبراء ومختصين ومهتمين في تنمية وتطوير الموارد البشرية، للتفاعل وتبادل وجهات النظر، وتسليط الضوء على أبرز التجارب محلياً وعربياً ودولياً، فيما يتعلق بالنهوض بهذا القطاع، في وقت بات التركيز منصب عليه أكثر من أي وقت مضى في ظل التغيرات المتسارعة والتي تحتاج إلى مواكبة. 
وأضاف سعادته: “لقد أخذت الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية في دولة الإمارات العربية المتحدة على عاتقها عقد مؤتمر سنوي متخصص في مجال الموارد البشرية، ليأتي هذا العام بالشراكة مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية، مسلطين الضوء على قضية “توفر الموارد وتحديات الإدارة في بيئة متغيرة”، نظراً لالتقاء الأهداف والتوجهات الرامية إلى تعزيز قدرات الموظفين وتطوير مهاراتهم، كإحدى أبرز الأولويات التي تسعى إليها المنظمة والدولة ومختلف بلدان العالم إلى تحقيقها.”

وفي كلمته أكد سعادة الدكتور رفعت الفاعوري مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية على أهمية المؤتمر والذي يركز على إبراز أهمية رأس المال البشري باعتباره المحرك الأساسي للموارد الأخرى، والقادر على تعظيم الفائدة منها لخدمة الإنسان العربي، معبراً عن أهمية الشراكة التي تحققت مع الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية لعقد هذا المؤتمر، حيث توافقت الأهداف والتقت التوجهات والاهتمامات في كل ما يخص الموارد البشرية، لما لها من دور فاعل باعتبارها معول التغيير ورأس المال الحقيقي لأي مجتمع يسعى لتحقيق التنمية المستدامة. 
وأضاف سعادة الدكتور الفاعوري في كلمته: ” تزخر المنطقة العربية بموارد إستراتيجية متنوعة أهلتها لتكون مركز العالم وبؤرة اهتمام الدول المتقدمة والنامية على كافة المستويات، ومع أهمية الموارد المادية، يظل المورد البشري والإنسان العربي هو المورد الأعلى والأسمى والدائم.” كما أشار الفاعوري إلى الإحصائيات التي تبين أن حوالي 60% من سكان الوطن العربي الذي يزيد عددهم عن 225 مليون نسمة هم من فئة الشباب، الأمر الذي يخلق تحدياً ملحاً في حسن إدارة هذا المورد والاستغلال الأمثل له. 
ويطرح المؤتمر خبرات وتجارب عالمية رائده، تفيد المختصين والمهتمين في الموارد البشرية على مستوى الدولة، كما يحمل هذا المؤتمر في طياته العديد من الأهداف الهامة التي يجب تحقيقها في ظل البيئة المتغيرة، ومن أهمها تحديد الأدوار المستجدة للموارد البشرية في ظل الظروف المتغيرة في الوطن العربي، وإبراز دور إدارة الموارد البشرية في الاستغلال الأمثل لرأس المال البشري، إضافة إلى التركيز على أهمية وضرورة الاستثمار في الموارد البشرية تأهيلاً وتدريباً وتحفيزاً، وتسليط الضوء على دور إدارة الموارد البشرية في تعزيز القدرات القيادية، وبناء الصف الثاني من القيادات، فضلاً عن التعريف بدور تقنية المعلومات الحديثة في التخطيط الأمثل للموارد البشرية، وعرض الإطار المتكامل للتميز التنظيمي وعرض بعض التجارب الناجحة في إدارة الموارد البشرية.

وتضمنت أعمال اليوم الأول ثلاثة جلسات، حيث اشتملت الجلسة الأولى على ورقتي عمل من معالي الأستاذ الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء للتنمية السياسية والتحول الديمقراطي ووزير تطوير قطاع الأعمال العام السابق بجمهورية مصر العربية، بعنوان (التطورات الجارية في الوطن العربي و دورها في تطوير إدارة الموارد البشرية)، ناقش السلمي من خلالها عدد من أهم المواضيع الحيوية في الموارد البشرية في الوقت الراهن، وكان أبرزها دور المورد البشري في إحداث التغير المجتمعي، وأهمية إدارة السلوك المجتمعي، حيث تطرق إلى التطورات التاريخية التي يشهدها العالم العربي والواقع العربي الجديد، حيث صنف مصادر التغيير في ورقته بثلاثة مصادر ذاتية وإقليمية وأخرى عالمية، حيث أكد السلمي على أن دورة التغيير المجتمعي تأتي من اختلال التوازن وتسعى إلى تحقيق التوازن، مبيناً الاستراتيجيات الواجب اتباعها لاستعادة التوازن والعوامل المؤثرة ومتطلباتها المعرفية وكيفية إدارة الموارد البشرية في تطبيق التغير الجديد. أما الورقة الثانية فكانت بعنوان (التحول في قيم الإدارة في حالات التغيرات الكبرى) قدمها سعادة عبد الله علي عليان من المملكة الأردنية الهاشمية -عضو مجلس أمناء جائزة الملك عبد الله الثاني لتميز الأداء الحكومي والشفافية، وقد ناقشت هذه الورقة أهمية القيم الإدارية ومراحل اكتسابها والعوامل المؤثرة بها وتأثيراتها على السلوك الإنساني. كما طرحت هذه الورقة المنظومة الخاصة بالقيم وتفرعاتها لقيم فردية وقيم خاصة بالمنظمات وأخرى بالدولة والمجتمع، إضافة إلى المهارات الإدارية الجديدة المطلوبة للتعامل مع المستجدات والتغيرات الكبرى. كما تطرق الدكتور عليان إلى انعكاسات التغيرات الكبرى على الإدارة الإستراتيجية والمعلوماتية على إدارة الأزمات والجودة الشاملة. كما استشهد عليان بالقيم الأكثر شيوعاً في الأدبيات والممارسات الأمريكية فضلاً عن المصفوفة المفترضة للقيم من منظور إسلامي. 
وتضمنت الجلسة الثانية ثلاثة أوراق عمل، قدم أول ورقة الدكتور مارك باتي من المملكة المتحدة – الرئيس المشارك لمجموعة أبحاث القياس في كلية مانشستر لإدارة الأعمال بعنوان (اكتشاف التميز ورعاية المبدعين) مستشهداً بنماذج من شركات عالمية ركزت على رعاية الموظفين أصحاب الأفكار المبتكرة والمتجددة، وعلى حرص هذه الشركات على تقديم الدعم المطلوب لهم بما يسهم في تطوير المنشآت والعاملين بها وتحسين خدماتها والارتقاء بمنتجاتها. كما بين الدكتور باتي أهمية العمل على خلق بيئة تحفيزية للموظفين تمكنهم من استغلال مواهبهم ومهاراتهم الفكرية في تقديم الخطط والأفكار المبتكرة الهامة. 
وقدمت ليلى السويدي مدير إدارة نظام تقييم الأداء والمتابعة في الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية بدولة الإمارات الورقة الثانية بعنوان (إستراتيجية الموارد البشرية وربطها بالإستراتيجية العامة للمنشأة)، ركزت هذه الورقة على أهمية استراتيجية الموارد البشرية وتفعيل دور الموارد البشرية في تحقيق أهداف الحكومة الاتحادية المتوسطة وطويلة الأمد؛ ودعم الإستراتيجية الشاملة للحكومة الاتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة؛ ونظام حوكمة تطبيق الخطة الإستراتيجية لضمان التطبيق الفاعل ثم تحديد المهام والمسؤوليات لكل المعنيين بالإستراتيجية. 

أما الورقة الثالثة فقدمها الدكتور سعد زناد دروش نائب الرئيس للشئون الأكاديمية من جامعة دلمون للعلوم التكنولوجيا بدولة البحرين تحت عنوان (إعداد قيادات الصف الثاني: ضرورة تنظيمية في مواجهة التغيير في منظمات الأعمال)، ناقشت هذه الورقة ثلاثة محاور هامة أهمها الاطلاع على تجارب عالمية في إعداد قيادات الصف الثاني والقيادة التحويلية واعتماد الخطط في إعداد القادة، والاهتمام بفجوة الموهبة والبحث عن اللامعين وتعزيز قيم فرق العمل، والعمل بمبدأ التدوير الوظيفي، ونشر ثقافة القيادة من خلال إستراتيجية تنمية القيادات ضمن أطر التخطيط المهني. 
وفي الجلسة الثالثة قدمت الأستاذة آمنة السويدي من إدارة تخطيط الموارد البشرية في الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية أول ورقة بعنوان (رفع مستوى الانتاجية من خلال أنظمة قياس الأداء وسياسات التدريب) تطرقت من خلالها إلي مبادئ نظام إدارة الأداء وركائزها، ودورة نظام إدارة أداء الموظفين، إضافة إلى أهمية نظام التدريب والتطوير والعلاقة التكاملية الخاصة ومبادئه وأهدافه ومراحله وأشكال التدريب المعتمد في النظام الأمثل. وقدم سعادة الأستاذ ناصر الشامسي مدير عام مؤسسة تنمية بدولة الإمارات الورقة الأخيرة في أعمال اليوم الأول بعنوان (دور نظام معلومات الموارد البشرية الوطنية في دعم جهود التوطين و توظيف المواطنين في دولة الإمارات العربية المتحدة) طرح فيها أهمية نظام معلومات الموارد البشرية الوطنية نحو اقتصاد ذو إنتاجية عالية ومبنى على المعرفة وعلى التنافسية، وفي تعزيز مشاركة وتنافسية قوة العمل المواطنة في سوق العمل ، فضلاً عن البدأ في تطوير استراتيجيات وسياسات تتعلق بالتوظيف وضمان توافقها وتكاملها مع السلطات المحلية والاتحادية ، وفي دعم عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بتنمية الموارد البشرية . كما ركزت الورقة على أهداف النظام نحو الإسهام في تحقيق الأهداف الإستراتيجية للدولة على صعيد تطوير الموارد البشرية الوطنية ودعم سياسات التوطين من خلال توفير بيانات ومعلومات دقيقة وحديثة بصفة مستمرة لأصحاب القرار، ودعم تحقيق الأهداف الإستراتيجية لمؤسسة تنمية بتوفير المعلومات اللازمة لرسم سياسات تعزز تمكين المواطنين الإماراتيين من المشاركة النشطة والكاملة في سوق العمل. 

وانتهت أعمال اليوم الأول بحلقة نقاش مفتوح تبادل فيها الخبراء والمشاركين استفساراتهم وخبراتهم وتجاربهم. ومن المقرر أن تستأنف أعمال اليوم الثاني بطرح خمسة أوراق عمل إضافية بعنوانين ومواضيع حيوية وهامة. 
ويتحدث في المؤتمر والذي يستمر حتى يوم غد الثامن والعشرون من مارس الحالي في مركز دبي التجاري العالمي – قاعة الشيخ مكتوم العشرات من خبراء الموارد البشرية على مستوى العالم، ويشارك به أكثر من300 مشارك من خبراء التنمية الإدارية والتطوير الإداري بالوطن العربي، ورؤساء الأجهزة المركزية المسئولة عن الخدمة المدنية، والوكلاء والأمناء العاملون في الوزارات والهيئات المركزية، إضافة إلى عدد من مديري معاهد الإدارة والتنمية الإدارية بالوطن العربي، والقيادات الإدارية المعنية بتنمية وإدارة الموارد البشرية، وأساتذة الجامعات المتخصصون في إدارة وتنمية الموارد البشرية، ومستشاري تنمية الموارد البشرية بالجهات الحكومية والقطاع العام.

أمانى إسماعيل
مديرة مواقع الهيئة