<!--

<!-- <!--

إلا.. بحيرة البردويل

د . أحمد اسماعيل السيد نور الدين :

المركز القومي للبحوث 

إذا كان الإسرائيليون نجحوا أن يجعلوا من بحيرة البردويل سفيراً لهم في أوروبا عن طريق تصدير أسماكها أثناء فترة الاحتلال , حيث جعلت الصهيونية المحتلة أولى اهتماماتها بالبحيرة زيادة إنتاجها كما وكيفاً . فضلاً عن أنهم جعلوا مطاراً خاصاً لتصدير أسماكها , ومنع الصيد الجائر بها وجعلها كالمقدسات اليهودية عندهم فكانت الثمرة أنها صدرت إلى أوروبا أسماك الدنيس والقاروص بعملة صعبة نافست في نهضة الاقتصاد الإسرائيلي حيث أن إنتاج البحيرة كان يغزو أسواق الأسماك الأوروبية بلا منافس في الجودة من هذه الأسماك

وتحية وتقديرا لمصر كان لابد لنا من رد الجميل و أن يحمل العلماء علمهم  وهو سلاحهم ويدونوا بأقلامهم عصارة أفكارهم لنهضة البحيرة من جديد.

فكان المركز القومي للبحوث صاحب المبادرة في اختيار العلماء الذين اثروا البحيرة بأبحاث ورسائل ومشروعات تحتاج إلى أن ترى النور والتطبيق فكان التنسيق مع قيادات الفرق العلمية من الجامعات المصرية ومعاهد علوم البحار والهيئة العامة للثروة السمكية ولم يغفل المركز القومي الفريق الشعبي من قيادات و عقائل ومشايخ سيناء ليكونوا شركاءاً في هذه التنمية فكان باقورة هذا العمل مشروع تنمية الثروة السمكية لشمال سيناء ممثلاً في بحيرة البردويل.

ذلك المشروع الذي حاز على النجاح والقبول من وزارة البحث العلمي وأكاديمية البحث العلمي ممثلة في تمويل صندوق العلوم والتكنولوجيا لمشروعات تنمية سيناء أملين أن يكون هذا المشروع أحد روافد التنمية والتحويل في البحث العلمي من ثقافة الإنتاج التصديري و المنافسة بين الإنتاج المحلى لأسماك المياه العذبة على مياه الآبار في سيناء وتحلية مياه الآبار و مزارع سهل الطينة – التي تشارك إنتاج المزارع السمكية للاستهلاك المحلى إلى الاستزراع البحري القابل للتصدير و الذي سنعيد له مكانته في أوروبا عن طريق تصدير أسماك بحيرة البردويل .

والمتوقع بعد هذه التنمية في البحيرة على مدار 3 سنوات أن يتضاعف الإنتاج كما وكيفا وذلك بالتعاون بين الجهة العلمية الممولة للمشروع ممثلة في أكاديمية البحث العلمي وبين صندوق العلوم والتكنولوجيا والفريق البحثي العلمي الجامع لخيرة بعض العلماء من الجامعات المصرية والمراكز البحثية والهيئة العامة للثروة السمكية البحرية في جمهورية مصر العربية والآن تعالوا معي في رحلة قصيرة نتجول فيها على بحيرة البردويل أحد البحيرات المصرية الغنية بأنواع الأسماك التي تنتجها و التي من الممكن آن تجعل من مصر منافساً لدول البحر المتوسط في عملية تصدير الأسماك لما تنتجه من أنواع غنية منها , ومن الممكن أن تحقق الاكتفاء الذاتي من البروتينات في ظل الارتفاع المهول لأسعار اللحوم و الدواجن على المستوى القومي.

وترجع تسمية بحيرة البردويل إلى الملك الإفرنجي بالدوين الأول أحد ملوك الصليبيين الذي هلك في طريق عودته من مصر إلى الشام قبل وصولة إلى العريش سنة 1118 ميلادية. كما كان يطلق عليها في العصور الرومانية سربونيوس , كما سميت أيضاً بسبخة البردويل و أخيراً ببحيرة البردويل .

وخلال الألفي عام الأخيرة تعاقبت الأحوال مابين اتصال مؤقت بالبحيرة وفترات جفاف ولم تظهر بحيرة البردويل في صورتها الحالية على خريطة الإنتاج السمكي في مصر إلا مع بداية القرن الحالي.

وتبلغ مساحة بحيرة البردويل 165 ألف فدان وطولها أكثر من 90 كيلومتر من رمانه غرباً إلى الزرانيق شرقاً وعرضها يتراوح مابين 1 إلى 22 كيلومتر ومحيطها 650 كيلومتر ودرجة الملوحة مابين 38 إلى 54 جزء في الألف .

وتتصل بالبحر عن طريق ثلاثة بواغيز

 الأول أمام بئر العبد بعرض 110متر و بميول جانبية بنسبة 1 إلى 7 وبطول 1350متر وعمق 5 متر .

والثاني أمام مرسى التلول بعرض 165 متر وبميول جانبية بنسبة 1 إلى 7 وبطول 1240 متر وعمق 5 متر .

والثالث في أقصى ناحية الشرق وهو طبيعي.

وتبلغ التكاليف الإجمالية للبوغازين 69 مليون جنية وتعمل البواغيز على تجديد وتحسين خواص البحيرة بتبادل مياهها مع البحر وخروج الأمهات من البحيرة إلى البحر للتكاثر وعودة الأمهات ومعها الزريعة إلى البحيرة حيث الغذاء الطبيعي و المياه الهادئة.

وتبلغ عدد المراكب العاملة بالبحيرة 1228 مركب صيد تعمل في ثلاث حرف منها حرفة الدبة وحرفة الدهبانة ويعمل بهما 1156 مركب بنسبة تقترب من 93% من أجمالي المراكب العاملة بالبحيرة ويعمل على كل مركب ثلاث أفراد وتعمل ليلاً لصيد الأسماك الدنيس والبوري والموسى والجمبري والكبوريا أما الدهبانة فتعمل ليلاً ونهاراً وتقوم بصيد الأسماك القاعية وحرف البوص والوحدة 4 مراكب وتعمل نهاراً وتقوم بصيد أسماك العائلة البورية.

والآن تعالوا معي لنلقى نظرة سريعة على متوسط إنتاج البحيرة و الذي يختلف من عام إلى أخر حيث نجد أن إنتاج البحيرة يتطور عاما بعد عام.

ففي الفترة من عام 58 إلى عام 67 بلغ متوسط الإنتاج 1460طن وفى الفترة من 68 إلى 79 بلغ متوسط الإنتاج 1618طن .

وما بين العام 80 إلى 88 بلغ متوسط الإنتاج 1988طن .

وبلغ متوسط الإنتاج 2079 طن مابين عامي 89 و 98.

و بلغ متوسط الإنتاج 3514 ما بين عامي 99 وعام 2002.

وفى عام 2003 بلغ الإنتاج 3082 طن.

وفى عام 2004 بلغ الإنتاج 3325 طن.

وفى عام 2005 بلغ الإنتاج 2226 طن.

وفى عام 2006 بلغ الإنتاج 3534 طن.

وفى عام 2007 بلغ الإنتاج البحيرة من الأسماك 4728 طن.

أما الإنتاج السنوي لعام 2008 فقد بلغ 5400 طن حيث بلغت كمية الإنتاج من الكبوريا 1611 طن و من الجمبري 1425 طن ومن العائلة البورية 1298 طن ومن الأسماك الموسى 343 طن ومن أسماك الدنيس 336 و من باقي الأنواع الوقار والشخرم وثعبان البحر 258 طن ومن الأسماك المفترسة كالقاروص واللوت والوقار 123طن وهى تعد أعلى إنتاجية وصلت إليها البحيرة.

وقد بلغت قيمة المصيد العام الماضي 88.3 مليون جنية.

وهناك أصناف عديدة يتم إنتاجها من بحيرة البردويل مثل الجمبري الذي يمثل 26.4% من إجمالي الإنتاج و الكابوريا وتمثل 29.9 و العائلة البورية وتمثل 24% وأسماك موسى حيث تمثل 6.4 و الدنيس و يمثل 6.4 و القاروص الذي يمثل 1.7 من حجم الإنتاج بالبحيرة .

وتبلغ عدد الجمعيات التعاونية العاملة ببحيرة البردويل 6 جمعيات تعمل في خدمة الصيادين بالبحيرة وهى جمعية العريش وجمعية السلام و يمثلان الصيادين بمدينتي العريش ورفح و جمعية الساحل وجمعية البردويل وجمعية 6 أكتوبر و تمثل هذه الجمعيات صائدي الأسماك بمركز بئر العبد.

وتقوم هذه الجمعيات بتوفير مستلزمات الإنتاج من شباك و مواتير بأسعار رمزية مع تقسيط أثمانها على الأعضاء و القيام بتسويق الأسماك وتوفير الرعاية الصحية و الاجتماعية للأعضاء وأسرهم و الدفاع عن حقوق الصيادين .

و بالرغم من وجود هذه الجمعيات إلا أن هناك مشكلات كثيرة لابد للأجهزة المختصة من العمل على حلها حتى يزداد إنتاج بحيرة البردويل من الأسماك ومنها عدم إعفاء الصيادين من الجمارك وتعدى شركة النصر للملاحات على مياه البحيرة وتعدى المراكب الكبيرة على البحيرة وقلة الإنتاج في البحر المتوسط في السنوات الأخيرة .

والآن سأستعرض لك عزيزي القارئ آراء بعض العاملين هناك حتى تكون الصورة واضحة أمامك.

هذا سالم مبارك رئيس جمعية 6 أكتوبر يقول إن من أكثر المشاكل التي تقابل الصيادين في المحافظة هي التأمينات الاجتماعية التي تجبرهم على التسجيل في نقابة الصيادين حتى تتمكن من التأمين عليهم رغم عدم وجود نقابة للصيادين بسيناء و النقابة تقوم بإحالة الصياد إلى المعاش في سن الخامسة و الستين برغم أن تلك المهنة يجب الإحالة فيها إلى المعاش قبل هذا السن كثيرة وعند إحالته للمعاش يتقاضى 100 جنية رغم أنه يدفع 200 جنية سنوياً كما إن أدوات الصيد التي يقوم الصيادين بشرائها غير معفاه من الجمارك .

يضيف إبراهيم أبو سلمة رئيس جمعية السلام إن مراكب كبيرة تأتى من محافظات أخرى تقوم بالتعدي على البواغيز مما يؤدى إلى قلة الإنتاج في البحيرة .

وهذا عيد أبو رجل صائد يطالب بمنع أي منشآت على ضفاف البحيرة من قرى سياحية ومزارع سمكية ومنع شركة النصر للملاحات من سحب مياه البحيرة لتصنيع الملح والتي ترفض وضع شباك لمنع مرور الزريعة إلى أحواض الملح مما يؤدى إلى القضاء على زريعة الأسماك وخاصة مع توسع الشركة في بناء أحواض الملح .

ثم سلامه الرقيعى عضو مجلس الشعب الأسبق عن الدائرة الثالثة ببئر العبد فهو يطالب بمنظومة متكاملة للتأمين الصحي للصيادين وسد الفراغ في فترة المنع والتي تصل إلى 4 شهور في العام, ورعاية الصيادين صحياً واجتماعيا فهم من الفئات الأولى بالرعاية .

أما الدكتور رئيس الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية يقول أن هناك أهداف كثيرة تسعى إليها الهيئة منها زيادة كمية الأسماك القاعية وزيادة المردود الإقتصادى لها وتحسين الخواص الطبيعية للبحيرة و الحد من الصيد الجائر وتحسين التركيب النوعي للأسماك و التعاون مابين الهيئة والمحافظة والجهات الأمنية واستخدام أساليب صيد حديثة ومتطورة  والحفاظ على الثروة السمكية حيث أنها من الثروات المتجددة والمستديمة.

والآن دعوني أتحدث معكم عن احتياجات البحيرة خلال الفترة المقبلة بحيرة البردويل تحتاج إلى كراكة قدرة1600 حصان للعمل فيها وبعض المعدات والملحقات المساعدة لأعمال التطوير وحماية البواغيز من الاطماء السنوي, كما تحتاج البحيرة إلى تدعيم بعدد 6 سيارات رباعية الدفع للمرور الدوري على البحيرة لمنع المخلفات وتطبيق قانون الصيد بالإضافة إلى عدد 2 لنش للمرور في المياه الضحلة وحفار برمائي لعمليات التطهير.

وفى النهاية فإن تنمية شبة جزيرة سيناء – لما تمثله من قيمة وطنية وبعد إستراتيجي لها وكذلك ما تحتويه من الإمكانيات الطبيعية التي لم تستغل بعد الاستغلال الأمثل من أهم العناصر الأساسية للخطط القومية.

وعلية كان لأكاديمية البحث العلمي ممثلة في صندوق العلوم و التكنولوجيا السبق في تقديم الدعم لمشروعات تنمية سيناء إذ إن المشروع تنمويا وله عائد سريع على الاقتصاد القومي ممثلا في حياة كريمة لأبناء سيناء البوابة الشرقية لمصر.

ويمثل مشروع تنمية الثروة السمكية ببحيرة البردويل أحد أهم المشروعات القومية السريعة التي تهدف إلى زيادة الكفاءة الإنتاجية للثروة السمكية في سيناء من الأسماك البحرية.

ويهدف المشروع إلى تنمية إنتاج البحيرة و الذي لايتعدى 4526 طن سمك سنوياً حسب تقرير الهيئة العامة للثروة السمكية 2011.

وسيتم ذلك من خلال إزالة المعوقات التي تؤثر على الكفاءة الإنتاجية وكذلك تحسين الصفات الوراثية من خلال التفريخ والانتخاب، وكذلك زيادة الغذاء الطبيعي باكثاره عن طريق وسائل عديدة .

ويهدف المشروع في المقام الأول إلى توفير الاحتياجات المطلوبة من البروتين الحيواني و الغذاء الصحي لأهالي المنطقة والذي سيكوون له مردود إيجابي على النواحي الأجتماعيية والاقتصادية للسكان وزيادة فرص العمل للشباب.

و المدة المقترحة للمشروع سنتان وسوف يتم العمل على مراحل محددة. وسيتم اختيار أماكن عمل الفريق البحثي في شمال سيناء بحيرة البردويل وذلك بالتعاون مع الهيئة العامة للثروة السمكية وهى أحد الفرق البحثية المشاركة في العمل وبالتنسيق مع الأجهزة المحلية المسئولة وأبناء المنطقة.

ويتكون الفريق البحثي للثروة السمكية من مجموعات علمية متخصصة في مجالات الإنتاج و التربية و الرعاية و التغذية والأمراض والوراثة.

المجموعة الأولى من المركز القومي للبحوث وتتكون من الباحث الرئيسي و الفريق المعاون من الباحثين المتخصصين في تربية ورعاية الأسماك البحيرة وعلاجها وكذلك رئيس وحدة إنتاج الطحالب ومعاونيه بالمركز القومي للبحوث.

المجموعة الثانية من جامعة قناة السويس وتشمل الباحث المناوب و الفريق المعاون من الباحثين المتخصصين في تشخيص الأمراض بأحدث التقنيات واستخدام الطرق غير التقليدية في العلاج.

  المجموعة الثالثة من الهيئة العامة للثروة السمكية و تشمل الخبراء المتخصصين و الرواد في التفريخ البحري للبوري والدنيس و القاروص.

المجموعة الرابعة وتشمل المهتمين بالتنمية من أبناء سيناء و العين الساهرة على نجاح المشروع.

المجموعة الخامسة و تشمل الفرق الادارى لتسجيل البيانات و النتائج والإحصاء.

وستشمل خطة العمل دراسة مشاكل نقص التغذية بالبحيرة وكذلك انخفاض معدلات الإنتاج و التحسين الوراثي للأسماك وعمل خريطة للأمراض و مقاومتها وتحسين إنتاجية الأسماك.

وسيتم تنظيم الزيارات الميدانية لدراسة المشاكل التي تتعرض لها الثروة السمكية بالبحيرة و التعرف على الظروف البيئية ونظم الصيد المتبعة, وكذلك لآخذ العينات المختلفة للدراسات المعملية وتشخيص المسببات المرضية وتحديد طرق العلاج المناسبة ووضع الخطط المناسبة للتحسين الوراثي لرفع إنتاجية الأسماك.

وسيهتم الفريق البحثي بنقل المعلومات و التواصل مع الهيئة العامة للثروة السمكية و الصيادين و العمل على تدريبهم على الطرق السليمة للصيد لضمان استمرارية الفائدة المرجوة من عمل المشروع في تطوير و تنمة الثروة السمكية ببحيرة البردويل

إعده للنشر / مينا راشد

إشراف / أ. أمانى إسماعيل