محافظة كفر الشيخ هى احدى المحافظات الساحلية لجمهورية مصر العربية ويشكل الانتاج السمكى نسبة كبيرة من اقتصاد المحافظة منذ القدم نظراً لوجود بحيرة البرلس بالكامل داخل حدود المحافظة.
وبحيرة البرلس تبلغ مساحتها حاليا حوالى 100 ألف فدان يتخللها 35 جزيرة بمساحات مختلفة.
ايضا قبل انشاء السد العالى عام 1961 وفى وقت فيضان النيل كانت الاراضى المنخفضة تغمر بمياه البحيرة الشروب وبعد انحسار الفيضان تتراكم الأملاح نتيجة التبخر للمياه مخلفة مساحات كبيرة من الأراضى السوداء الخصبة من تأثير تراكم الطمى والمالحة فى نفس الوقت وبالتالى لاتنمو فيها النباتات.
وجود هذه الظروف الجغرافية تسبب فى ظهور أشكال بدائية من الاستزراع السمكى مثل الحوش والسدود حيث يتم المناورة بالمياه وحجز بعض الأسماك بغرض تربيتها لفترات قد تطول أو تقصر حسب ظروف المزارع ثم يتم تخفيض مياه هذه السدود وصيد أسماكها دون أن يكون هناك أى تدخل من ناحية التحكم فى الاعداد أو الأحجام أو النوع.
وهذه الممارسات كانت تتم فى المناطق المتأخمة لحدود البحيرة والجزر المشار اليها حيث تعتمد هذه السدود فى تشغيلها على مياه البحيرة ومافيها من أسماك.
بدأت الدولة الاهتمام بالاستزراع السمكى بمعناه الحديث فى أواخر السبعينيات وذلك بانشاء المشروعات السمكية الرائدة مثل المفرخ السمكى بفوة ومزرعة الزاوية بكفر الشيخ وتلاهما محطة تحضين الزريعة بالخاشعة ومراكز تجميع الزريعة البدرى فى عدة مواقع.
كما تضمنت سياسة الدولة فى هذا الوقت الاهتمام بالتدريب والتعليم للعاملين فى هذا المجال من خلال البعثات الخارجية وحتى الحصول على درجات علمية.
والجدير بالذكر أنه كان من شروط التأهل لهذه البعثات أن يكون المبعوث قد مارس العمل ميدانيا لفترة مناسبة.
مما سبق يتضح ان محافظة كفر الشيخ تتوافر لديها الظروف الجغرافية الملائمة لنشأة الاستزراع السمكى وعندما توافرت الخبرات الفنية والموارد البشرية بدأت المعارف الأساسية والتقنيات المستخدمة فى الانتقال من مواقع الانتاج الحكومية الى الاهالى.
وفى أوائل الثمانينات كان حول بحيرة البرلس مساحات كبيرة من الأراضى الخصبة والتى لاتصلح للزراعة فى حوزة الأهالى مع محاولات بدائية لزراعة أسماك العائلة البورية ( حيث تتوافر الزريعة فى قواسم معينة ) وفى هذه الفترة اتضح أن انتاجية الفدان لاتتجاوز 50- 100 كجم فى الوقت التى كانت انتاجية مزرعة الزاوية مثلا 400 كجم- 500 كجم وهذا دفع الاهالى الى نقل الممارسات وتطبيقها فى مزارعهم وذلك فيما يختص بالتسميد والمساعدة بالتغذية عن طريق اضافة بعض المخلفات الزراعية نثل الردة ورجيع الكون.
ومع زيادة الانتاجية وتحقيق الارباح توجه أصحاب الأراضى وخصوصا ملاك المساحات الشاسعة أو واضعى اليد حيث كانت هذه الأراضى لاتخضع لقانون الحد الأقصى للملكية فى البحث عن مزيد من الافكار لتطوير انتاجهم.
حتى عام 1989 كان الاعتماد على العائلة البورية بشكل اساسى نظرا لتوافر الزريعة من المصادر الطبيعية بأعداد تكفى للاستزراع اما انتاج البلطى بانواعه أو الأصناف الاخرىفقد كان غير منظوم حتى هذا التاريخ.
وفى عام 1990 تم تطوير تقنية انتاج البلطى وحيد الجنس تحت الصوب فى وقت مبكر عن الطبيعة بشهرين وقد كان اسهام القطاع الخاص أساسا لتحمل مخاطر تنفيذ فكرة على الورق وبدأت هذه التقنية ب 9 أحواض اسمنتية 3*8م اعطت فى أول تجربة 40 ألف زريعة نيلى تم زراعتها فى 10 أفدنة وزرعت 10 أفدنة اخرى لذكور البلطى الاوربا المفروز يدويا.
فى هذا التوقيت بدأ ظهور الاعلاف المصنعة خصيصا للأسماك مما اعطى فى النهاية انتاجية 1.5 طن للفدان والذى اعتبر فى هذا الوقت طفرة فى انتاجية الفدان .
انتشرت هذه التقنية بسرعة فى أرجاء المحافظة بنفس السرعة التى انتشرت بها مبادىء الاستزراع السمكى من المزارع السمكية وذلك نظرا لأن الظروف كلها كانت مهيأة لذلك من ناحية توفر الارض والعنصر البشرى وتوافر المياه علاوة على الأرباح الكثيرة التى كان يتم تحقيقها.
نتيجة للانتشار السريع لمفرخات البلطى وحيد الجنس حدثت ايضا طفرة فى كميات الانتاج مما ادى الى انخفاض الى سعر البلطى اعتبارا من عام98 ليصل الى ادنى سعر عام 2002 والذى وصل فيه سعر البلطى الممتاز الى 5.5 جنيه وهو قيمة التكلفة بينما تحقق الدرجات الأدنى خسارة لانخفاض سعرها عن هذا الحد.
وفى خلال الفترة من 1990 وحتى الان ظهر الاحتراف فى مهنة الاستزراع السمكى والناتج من تكرار الزراعة ومحاولة التحسين والتميز لمواجهة الاغراق فى انتاج الزريعة وبالتالى فى انتاج سمك المائدة.
ومن خلال الاحتراف امكن لبعض منتجى القطاع الخاص الوصول الى تقنية انتاج البلطى وحيد الجنس فائق الذكورة super male رغم صعوبة هذا الامر فنيا.
وفى تقديرى انه خلال سنتين أو ثلاث سنوات سيبدأ تعميم التقنية لأن استخدامها يؤدى الى تحسين فى مستوى انتاج الزريعة علاوة على امكانية اضافة شهر أخر لموسم النمو قبل دخول الشتاء التالى.
حاليا وبعد ان ارتبطت التنمية فى محافظة كفر الشيخ بالاستزراع السمكى الامر الذى يتضح من أفكار المحافظ الحالى بانشاء البورصة والاتجاه الى الاستزراع السمكى وتشجيع القطاع الخاص فى المزيد من الاستثمار وايضاً اهتمام الجمعيات الاهلية بالاستزراع السمكى ايضا كقضية تنمية نأمل أن يكلل الله جهود الجميع بالنجاح كما ان تسهم الجهات المعنية وخصوصا الهيئة العامة لتنمية الثروة لسمكية فى ازالة المعوقات التى تقف حائلا دون الانطلاق والتقدير ومزاحمة الكبار فى هذا المجال ونحن نستحق ذلك
أعده/عبد المنعم أحمد رمزى
