طائر اللقلق زائرنا الجميل الوافد إلينا هرباً من صقيع شتاء أوروبا بحثاً عن الدفء بمصرنا الحبيبة، فتهبط أفواج منه سنوياً إلى مصر، كأنها تسير فى صحراء قاحلة يخدعها فيها السراب، فتهبط مضطرة فى بِرك محطات الصرف الصحى ظناً منها أنها بحيرات مياه، وتفضل البقاء والعيش بجوارها قانعة بما تقتاته،
حتى من بقايا القمامة والمخلفات، وهى التى التى اعتادت على أن تتغذى على الأسماك والأحياء البحرية الصغيرة.. ولكن هذا «حال المضطر»!
لم نكن نرغب فى التقاط تلك الصورة الغريبة والمحزنة لطائر اللقلق، وقد استقر به المقام فى إحدى مقالب القمامة الممتدة، لكن المثير للذعر هو أن كل تلك الأعداد سيكون مصيرها الحتمى الموت تدريجياً بارتفاع درجة الحرارة، لتختتم الرحلة بوفاة أخر طائر مع حلول منتصف مايو، وقد يصل لأول يونيو دون أن ينجو منها فرد واحد !ونيابة عن أكثر من خمسة آلاف طائر من طيور اللقلق الجميلة التى لا تستطيع أن تستغيث، وتستنجد بمن يمد لها يد العون، وينتشلها من مستنقع الموت.. تلتمس صفحة البيئة سرعة التحرك لوضع حلول عاجلة لإنقاذها، إما بإقامة أماكن قريبة مهيأة ومجهزة تحميها من إبادة حتمية، أو إيجاد أى حلول أخرى تمثل طوق النجاة لانتشالها من الهلاك.
وليس طائر »الحبارى« المقيم والمهاجر بأسعد حظاً من قرينه اللقلق إن لم يكن أسوأ.. وذلك بحكم أن الأول لم يبلغ بعد مرحلة التهديد بالانقراض التى وصل إليها الثانى الذى أصبح مهدداً بالإنقراض عالمياً ومحلياً ، حتى شهدت مصر تناقصاً حاداً فى أعداده بفعل الصيد الجائر له خاصة من الأشقاء السائحين العرب الذين كانوا يختصرون برنامجهم السياحى خلال الحقب السابقة فى الصيد فقط للأنواع المهددة بالانقراض، وعلى رأسها طائر الحُبارى، لاعتقادهم بأن مكونات لحومه من أفضل المقويات الجنسية، علماً بأنه يوجد بصحارى بلاد هؤلاء الأشقاء الطائر نفسه، بأعداد تفوق الموجودة بأراضينا، لكن قوانين أوطانهم الصارمة تحول دون صيده.
وعلى الرغم من أن قوانين بلادنا تجرم صيده أيضا إلا أن المسئولين والهدايا القيمة والخجل من الشخصيات المرموقة من الأشقاء السياح كانت بمثابة جواز المرور، فكانوا يفدون فى قوافل ضخمة تتألف من عشرات سيارات الدفع الرباعى التى تحمل على متنها العشرات من فرق الصيد المدججة ببنادق القنص الحديثة، كأنهم فى معارك حربية ضد عدو شرس، وليس مواجهة طائر لا حول له ولا قوة! والمحصلة أن ما تبقى من هذا الطائر بمسرح العمليات الحربية للأشقاء بداية من جنوب مطروح حتى الحدود الليبية، وهى المواقع المفضلة لصيده، لا تتعدى بضع عشرات من الحُبارى، وللعلم يوجد الطائر نفسه بأعداد محدودة للغاية فى وسط سيناء. والرسالة التى يبعثها الحُبارى فى اليوم العالمى للحياة البرية تتلخص فى ضرورة إحياء المشروع الذى أعلنته وزارة البيئة لإنقاذ وصون، وحماية وإكثار هذا الطائر.. وللأسف توقف بعد الظروف الحالية الطارئة التى تعيشها البلاد ، فهل تعيد الوزارة إحياءه من جديد؟
أمانى إسماعيل
مديرة المواقع الاليكترونية