سادسـاً - التكاليف التسويقية Marketing Costs
إن المزارع السمكية التى تحقق إنتاجاً جيداً كماً ونوعاً ، لن تستطيع الحصول على ثمرة هذا الإنتاج إذا لم تتم عملية تسويقه بشكل جيد ، إذ قد يؤدى انخفاض كفاءة التسويق إلى إهدار جزء كبير من الإنتاج ، أو حرمان المنتج من نسبة كبيرة من سعر المستهلك تذهب للوسطاء ، وبالتالى تحقيق خسارة كبيرة للمنتج . ولهذا يجب أن يتم العمل على تقليل التكاليف التسويقية بالأساليب التى تضمن فى نفس الوقت تحقيق أعلى كفاءة تسويقية للأسماك المنتجة . وبالنظر إلى المدخل الوظيفى لتسويق أسماك المزارع ، يتم خفض التكاليف التسويقية عن طريق خفض تكاليف أداء الوظائف التسويقية المختلفة ، ويتطلب ذلك العناية بتنظيم هذه العمليات ، وأدائها فى التوقيت الملائم ، واختيار القائمين بها من ذوى الخبرة والمهارة ، وتوفير المكان والأدوات اللازمة لعمل كل منهم ، والإستغناء عن العمليات الممكن الإستغناء عنها دون إخلال بجودة الأسماك المسوقة . وبالنظر إلى المدخل الوسيطى للتسويق ، فإن خفض التكاليف التسويقية يتم عن طريق تقليل عدد الوسطاء بين المزرعة والمستهلك النهائى Final Consumer ، بشـرط عدم تعريض أى جزء من الإنتاج المسوق للفساد أو نقص الجودة . وبتعبير مجمل فإن تحسين الكفـاءة التسويقية يؤدى بصفة عامة إلى تقليل التكاليف التسويقية اللازمة لتحقيق أعلى صافى عائد ممكن .
7 - 3 - 4 توفر السجلات المزرعية وخدمات البحث العلمى
يتحدد نجاح الأساليب المختلفة لتحسين الكفاءة الإقتصادية للمزارع السمكية بالكثير من العوامل ، وتعتبر السجلات المزرعية ، والبحث العلمى ، والإرشـاد السـمكى من أهم عوامل نجاح هذه الأساليب ، ويمكن توضيح ذلك كما يلى :
أولاً - السجلات المزرعيـة وتحسين الكفـاءة الإقتصـادية :
إن الكفاءة الإقتصادية للمزارع القائمة أو المزمع إقامتها من الصعب أن تتحقق من خلال الإجراءات السابقة بدون توفر بيانات ومعلومات مسجلة للعمليات المزرعية بالكم والقيمة ، والتى تساعد فى تقييم أداء المزارع القائمة ، والحصول على مؤشرات ومعدلات يمكن الإستفادة منها عند إعداد دراسات الجدوى للمزارع الجديدة . ويجب أن تكون هذه السجلات بسيطة بقدر الإمكان ، وأن تضم قوائم المدخلات والمخرجات لأنشطة المزرعة ، معبراً عنها بصورة نقدية وكمية ، من خلال السجلات اليومية ، وأن تتضمن البيانات بشكل مختصر ، ولكن فى نفس الوقت يسمح بإعطاء صورة كاملة عن العمليات المختلفة ، كما يجب أن تتضمن قوائم موسمية تسمح بتقييم شامل لأنشطة المزرعة على مدار موسـم إنتـاج كامل(1) ، وهى ما يسمى بسجلات تحليل الكفاءة الإنتاجية Analysis of Productive Efficiency registers .
ثانياً - دور البحث العلمى والإرشاد السمكى فى تطوير المزارع السمكية :
إن الحاجة إلى تطوير نشاط الإستزراع السمكى لسد الفجوة السمكية ومواجهة متطلبات التصدير فى ظل المحددات العديدة لتنمية هذا القطاع ، والتى تتمثل فى محدودية عناصر الإنتاج ، والتنافس بين القطاع السمكى والنباتى والحيوانى على هذه العناصر ، تستلزم الإعتماد على البحث العلمى كركيزة أساسية لتطوير هذا النشاط ، لاسيما وقد أصبح الإستزراع السمكى العالمى قائم على أسس علمية سليمة ، وأصبحت هناك تطورات تقنية تحدث بشكل مستمر فى هذا المجال . كما أن نتائج البحث العلمى لن تؤتى ثمارها إلا إذا توفرت خدمات الإرشاد السمكى الجيدة والفعالة ، لنقل هذه النتائج إلى حيز التطبيق فى ظل إمكانياتنا المتاحة .
ويحتاج هذا الأمر إلى إعداد برنامج تدريبى جيد لمزارعى الأسماك والذين يرغبون فى العمل فى الإستزراع السمكى ، وتوجيه قدر مناسب من الدعم الحكومى للبحث العلمى المتعلق بالإستزراع السمكى ، ولإتاحة الفرصة لإرسال بعثات للتدريب فى الدول المتقدمة فى هذا النشاط ، للتعرف على أحدث ما توصلوا إليه ، سواء فيما يختص بعلوم البيولوجى والوراثة ، وطرق وأساليب التربية والتفريخ الصناعى للأسماك ، وتحويل أصناف من الأسماك التى كانت تعتمد على التفريخ الطبيعى إلى التفريخ الصناعى ، وطرق التكثيف الحديثة ، وإدخال أصناف جديدة فى الإستزراع ، أو ما يختص بإنشاء المزارع السمكية ، وطرق إدارتها ، وإتاحة الفرصة لعقد الندوات والدورات التدريبية المحلية ، والتأكد من عدم وجود معوقات تحول دون اتصال مزارعى الأسماك بالجهات الإرشادية فى أى وقت تدعو إليه الحاجة لمواجهة أية مشكلات تتعلق بمزاولة النشاط ، والقيام بدراسة المواقع الممكن إنشاء مزارع سمكية عليها ، خاصة المواقع التى تصلح للإستزراع السمكى البحرى ، حيث يمثل هذا النوع من الإستزراع أملاً كبيراً فى تحقيق طفرة إنتاجية سمكية تؤدى إلى تحقيق الإكتفاء الذاتى ، وإلى إنتاج أسماك تصديرية مرتفعة القيمة النقدية ، مما يعمل على زيادة الدخل القومى الزراعى ، وتوفير النقد الأجنبى اللازم لعمليات التنمية . ويتطلب الأمر - أيضاً- تتابع واستمرار الدراسات الإقتصادية الخاصة بالإستزراع السمكى ، وتنويع هذه الدراسات ، بحيث تتناول بشكل دقيق كافة الجوانب الإقتصادية المتعلقة بتفريخ الأسماك ، وإنتاج وتسويق أسماك المزارع السمكية مصنفةً ، وعلى مستوى المحافظات المنتجة ، ودراسة كافة المشكلات الإقتصادية الحالية والتى تستجد مع مرور الزمن ، ووضع الحلول المناسبة لها ، وإعداد دراسات الجدوى لمشاريع الإستزراع السمكى المقترحة ، وتقييم المشروعات القائمة ، مع دراسة اقتصاديات الإستزراع السمكى من وجهة النظر القومية ، ومدى المساهمة المتوقعة من التوسع فى مشاريع الإستزراع السمكى المختلفة فى توفير فرص عمل لشباب الخريجين ، وتحسين المستوى الإجتماعى والصحى للمجتمع الريفى الذى يعتبر الدعامة الأساسية للنهوض بالمجتمع المصرى بشقيه الريفى والحضرى . كما يجب – أيضاً - توسيع مجالات التعاون العلمى بين القطاعات المختلفة التى يمكن أن تؤثر أو تتأثر بنشاط الإستزراع السمكى ، حيث يمكن القيام بعمل دراسات علمية مشتركة بين قطاعات الزراعة والرى والتعمير والبيئة والإستثمار والتجارة الخارجية ، بحيث تغطى كافة الجوانب المتداخلة بين هذه القطاعات ، المتصلة بإنشـاء المفـرخات والمزارع السـمكية . وسـوف يتطلب ذلك قيام فرق بحثية على مستوى أساتذة الجامعات المتخصصين والخبـراء ، بدعم من الوزارات المعنيـة ، وأكاديمية البحث العلمى ، ومراكز ومعاهد البحوث ، بإجراء هذه البحوث ، ومتابعة تطبيق نتائجها على أرض الواقع .
وقد يترتب على تكثيف الجهود البحثية والعلمية التوصل إلى نتائج تستلزم إجراء بعض التعديلات على التشريعات الزراعية المتعلقة بهذا النشاط ، كالسماح باستخدام المياه العذبة فى المزارع السمكية مع إعادة استخدامها فى رى الأراضى الزراعية ، وفى هذه الحالات يجب عدم التردد فى إجراء التعديلات التشريعيـة اللازمة بما يتفق ونتائج البحث العلمى .
وعلى الرغم من أن مصر تعانى من وجود فجوة سمكية يتم سـدها من خلال اسـتيراد كميات كبيرة من الأسماك المجمدة أو المصنعة ، إلا أن هناك ضرورة قصوى لتشجيع تصدير الأسماك ، وبصفة خاصة الأصناف الفاخرة ذات الأسعار المرتفعـة عالمياً ، مثل أسـماك الدنيس ، والقاروص ، وسمك موسى ، والجمبرى . ولذلك يجب الإهتمام بتنمية وتطوير استزراع هذه الأصناف بما يسمح بالقضاء على معوقات تصديرها ، مثل حمايتها من التلوث ، وسرعة إجراءات صيدها وتعبئتها ونقلها للخارج بصورة مطابقة للمواصفات القياسية العالمية اللازمة لقبول الرسائل السمكية المستوردة ، ومن ثم تنشيط صادراتها ، وكسب أسواق عالمية لها ، خصوصاً فى الدول الأوربية التى تتميز بوجود الطلب على هذه الأصناف ، بالإضافـة إلى قربها من الناحية الجغرافية بما يسمح بوصول شحنات الأسماك بحالة جيدة إلى الدول المستوردة . كما يجب السعى للحصول على شهادات عالمية تفيد جودة الأسماك المصرية عالمياً ، بما يسمح لها بالمنافسة فى الأسواق العالمية وتحقيق أسعار جيدة . وكل هذه الأمور تتطلب تضافر جهود كثير من الجهات المعنية ، منها جهات البحث العلمى للقيام بدوره الهـام فى تطوير نظم استزراع هذه الأصناف التصديرية ، وتطويعها للتفريخ الصناعى ، ومنها الجهات الحكومية التى يمكنها العمل على تطوير وتبسيط التشريعات المتعلقة بتملك القطاع الخاص للمزارع السمكية ، وخصوصاً البحرية ، وتسهيل الحصول على الأصناف الجيدة من الأمهات للتفريخ ، وتداول الزريعة والحصول على مواد الإنشاء ، ومستلزمات والإنتاج ، وكذلك تطوير وتنمية صادرات الأسماك المنتجة .
شكر خاص للدكتور/ عصام غلام لإتاحة الفرصة للقراء التعرف على رسالته العلمية الهامة
أمانى إسماعيل
مديرة مواقع الهيئة