د/ أميرة ابراهيم على الحنفى

المعمل المركزى لبحوث الثروة السمكية

تتعرض الأسماك بعد موتها للعديد من التغيرات التى تفقدها من عناصر الجودة وتستمر هذه التغيرات حتى تصل إلى مرحلة الفساد. وهذه التغيرات تحدث نتيجة للتفاعلات التى تحدثها الانزيمات الموجودة أصلا فى أنسجة الأسماك , وكذلك الانزيمات التى تفرزها البكتريا الملوثة لها أو الفلورا الطبيعية المصاحبة لها. وتتدهور صفات الجودة والصفات التخزينية تدريجيا نتيجة لتطور هذه التفاعلات بعد موت السمك من حيث تتحول التفاعلات الإنزيمية الذاتية من تفاعلات مهمة ومفيدة فى حياة السمكة ولازمة لاستمرار حياتها ونشاطها إلى تفاعلات ضارة بجودة لحم السمك وقدرته التخزينية. وسرعة هذه التفاعلات وبالتالى سرعة تدهور جودة الأسماك تتوقف على عدة عوامل من أهمها: درجة الحرارة وطريقة التداول والحفظ إلى جانب عوامل أخرى خاصة بالصنف – وحالة الأسماك أثناء الصيد ففى خلال عمليات الصيد قد تموت بعض الأسماك ويحدث ذلك لعدة أسباب:

·  قد تموت بعض الأسماك مختنقة فى الشبكة وهذا ما يحدث غالبا باستخدام الشباك الخيشومية.

·   قد تموت بعض الأسماك نتيجة لمحاولاتها الإفلات من الشباك أو أجهزة الصيد.

·  تموت الأسماك الباقية بعد خروجها من الماء نتيجة لنقص الأكسجين لعدم قدرتها على التنفس فى الهواء.

وبعد صيد الأسماك تحدث بها بعض التغيرات الكيميائية والطبيعية كما يلى:-

أولا : انطلاق المادة المخاطية على سطح الأسماك

Slime secretion on the surface of fish

يرجع انطلاق المادة المخاطية من الغدد المخاطية الموجودة بالجلد إلى عدم ملائمة الجو المحيط لحياة السمك وتتكون المادة المخاطية من الجليكوبروتين Glycoprotein الذى يعتبر بيئة جيدة لنمو البكتريا. ونتيجة للنمو البكتيرى على الجيليكوبروتين يحدث له تحلل أو تعفن وينتج عن ذلك رائحة كريهة ولكن تجدر الاشارة هنا إلى أن تكوين وانطلاق المادة المخاطية فى حد ذاته لا يجعل السمك فاسداً أو غير صالح للاستهلاك الآدمى ولكن تغيير لونه أو رائحته يدل على الفساد بالاضافة إلى أن تكوين هذه المادة ووجودها على جلد السمكة غير مرغوب فيه ويفضل إزالته بقدر الإمكان.

ثانيا : التيبس الرمى Rigor mortis

تحدث بعض التفاعلات الكيميائية الحيوية أثناء حياة السمكة بغرض انطلاق الطاقة التى تسبب انقباضات العضلات الضرورية لحركة السمكة. وهذه التفاعلات تكون رجعية لضمان الاستمرارية ولكن بعد موت السمكة تصبح هذه التفاعلات غير رجعية (فى اتجاه واحد) ويكون من نتيجتها بعض الظواهر مثل :

تراكم حامض اللاكتيك فى العضلات مما يسبب انخفاض تدريجى لرقم ال PH (وهو الرقم الدال على الحموضة ويتناسب عكسيا معها) من 7 حتى يصل إلى حوالى 6.3.

·  يحدث تقلص للعضلات فتبدو العضلات متصلبة وأكثر خشونة عن ذى قبل.

·  يحدث تفكك لبعض مركبات الطاقة (ATP) بمساعدة الانزيمات (غير رجعى) مما يساعد على تقلص العضلات.

·  يحدث اتحاد للمركبات المكونة لألياف العضلة (الأكتين والميوسين) لتكوين مركب جديد يسمى أكتوميوسين (الأكثر صلابة وقدرته على الذوبان فى الماء ضعيفة) مما يزيد من صلابة العضلات.

Actins + Myosin ___ Act myosin

 من هذه التغيرات والتفاعلات تبدو صورة العضلات أكثر صلابة وخشونة وقدرتها على الاحتفاظ بالماء (WHC) Water holding capacity ضعيفة، وتنخفض قدرة بروتين العضلات على الذوبان. وبعد الوصول إلى قمة هذه المرحلة (Top of rigor mortis) نجد أن درجة الحموضة تقل قليلا (اى تزيد رقم ال PH) مرة أخرى ولكن لا تصل إلى قيمتها الأولية. وكذلك ترتفع القدرة على الاحتفاظ بالماء والقابلية للذوبان وتزيد الليونة ولكن لا تعود هذه الصفات ابدا إلى حالتها الأولى.

والزمن اللازم للدخول فى مرحلة التيبس الرمى وكذلك استمرار هذه الفترة حتى انتهائها ورجوع العضلات إلى حالة الاسترخاء مرة أخرى مختلف طبقا لعوامل متعددة منها نوع السمك وحالة السمك أثناء وبعد الصيد فيلاحظ أن الأسماك النشطة أثناء معيشتها مثل الماكريل والرنجة وكذلك الأسماك التى تبذل مجهودا كبيرا أثناء الصيد فى شباك الجر لمدة طويلة والسنانير تحدث فيها حالة التيبس الرمى بسرعة بعد الموت وينتهى ايضا بسرعة بالمقارنة بالأسماك البطيئة الحركة مثل المبروك .

والأسماك التى لا تبذل مجهودا كبيرا أثناء الصيد أو بعدها وماتت بسرعة فتلك يحدث فيها التيبس الرمى بسرعة ويستمر مدة أطول. أما الأسماك التى تتغذى جيدا فيلاحظ فيها درجة التصلب بصورة أشد عن الأسماك التى كانتن تغذيتها غير جيدة, وكذلك فان السمك الصغير الحجم مثل السردين يحدث فيها التيبس الرمى أسرع من السمك الكبير.ويستمر لفترة أقل. وكذلك نجد أن درجة الحرارة تلعب دوراً هاماُ فى عملية التيبس الرمى بعد الموت فكلما ارتفعت درجة حرارة التخزين كلما حدثت عملية التصلب أسرع وتمكث فترة أقصر. وفى خلال فترة التيبس الرمى تفقد عضلات الأسماك الكثير من صفات الجودة ونسبة الفقد تتوقف على سرعة وشدة حدوث وانتهاء التيبس الرمى فمثلا لو انتشر التيبس ببطء وكان خفيفا فى ظواهره فان الفقد فى الجودة يكون قليلا أما لو حدث بسرعة وكان عنيفا فان الفقد يكون كبيراً.

وبصفة عامة نستطيع القول أن الأسماك فى فترة  تصلب العضلات تكون غير صالحة للاستهلاك ولكن من ناحية أخرى هذه الظاهرة تعطى صلاحية للتخزين الآمن (بسبب مقاومة العضلات للتلف الميكانيكى ومقاومة اختراق الميكروبات وتغلغلها داخل الأنسجة) وكلما طالت فترة التصلب كلما أمكن فترة التخزين بسلام حتى تصل الأسماك إلى المصانع أو إلى الأسواق لبيعها.

المصدر : مجلة أسماك

إعداد : أمانى إسماعيل