صياد: كانت الشباك تخرج 60 كيلو سمكًا.. والآن نصطاد بـ”جردل”
تعد فئة الصيادين الأكثر تهميشًا وتجاهلًا من قِبَل المسئولين، وخاصة صيادي المكس، حيث أصبحت الفائدة الوحيدة للمشهد الأكثر شهرة بالمنطقة، “الخندق” الذي تصطف فيه مجموعة من المنازل الصغيرة على جانبي المياه، تعود فقط على هواة التصوير اللذين يعتبرونه من أجمل المشاهد التي يمكن التقاطها.
ويؤدي إلقاء مخلفات المصانع في مياه المكس التي شابها لون قاتم إلى نفوق الأسماك، فضلًا عن رائحة التلوث التي تمتد على بعد عدة أمتار، وتصيب الأهالي بأمراض صدرية خطيرة، ما خلف آثارًا سيئة على الحياة بشكل عام للصيادين، حيث اصطفت المراكب على الجانبين دون أن تجد من يبحر بها للعودة بشباكهم ملأى بخيرات البحر.
ويقول مجدي جمعة، صائد بمنطقة المكس: إن الصائد كان يستخرج من “الخندق” 60 كيلو سمكًا طازجًا يكفي للبيع وإطعام أسرته، وكان الأهالي يغسلون ملابسهم في مياهه لشدة صفائها، بل إنهم عند انقطاع مياه الشرب كانوا يرتوون منها أحيانًا، إلَّا أن مخلفات المصانع حاليًا هددت كل من ينزل إليها بالإصابة بـ”الجرب”.
وأضاف أن 6 شركات أغلبها بترولية تلقي بمخلفاتها في مياه المكس على مدى 13 عامًا الأخيرة، وأشهرها شركة الألومنيوم و”أموك” للبترول، صاحبة النصيب الأكبر في إلقاء “السم” ـ على حد وصفه، حتى انعدمت الثروة السمكية، مؤكدًا أن جميع الأسماك المتوافرة في الأسواق، والتي تقدمها المطاعم مجمدة ومستوردة من الخارج، لا سيما السردين الذي لطالما اشتهرت به “المكس” والجمبري والسبيط والبوري والبربون وغيرها، موضحًا أن 70% من أسماك البلطي الموجودة بالأسواق حاليًا من المزارع.
وأشار جمعة إلى أن ندرة الأسماك بالخندق جعلهم يستعيضون عن الشباك بـ”الجردل”، مضيفًا أن أقدم صيادي المنطقة بدَّل نشاطه ليبيع الشيبسي والكراتيه ـ على حد قوله، في شرفة منزله، فلم يجن أحدهم أموالًا منذ 12 شهرًا، حيث ينفق على أسرته 40 جنيهًا بعد استقطاع 60 جنيهًا ثمن البنزين من 100 جنيه، مطالبًا الحكومة بدعم شباك الصيد التي بلغت تكلفة الكيلو منها 150 جنيهًا، بخلاف رخص الصيد التي أصبح من الصعب الحصول عليها، حيث بلغت نفقات تجديدها 4 آلاف جنيه، وتراكمت مديونيتهم لتصبح 60 ألف جنيه في فبراير الماضي، مؤكدًا أن 90% منهم يعملون برخص نزهة، مدتها 10 أيام فقط، وتسمح بالصيد لمدة 12 ساعة تبدأ من السادسة صباحًا.
ولجأ جمعة لمساعدة أطفاله، والذين لم يتعد أكبرهم سن 10 سنوات؛ لرفض الصبية العمل لندرة الأسماك، ما أثر بالسلب على دراستهم، ووالدهم أحد أقدم صيادي المكس ويتقاضى معاشًا 120 جنيهًا فقط.
على جانب آخر تعاني منطقة المكس من قلة عدد المستشفيات، وسوء المعاملة، حيث أكد أن إحدى قريباته توفيت لعدم توافر جهاز لإسعافها، وآخر أثناء نقله للمستشفى الأميري العام في المواصلات العامة، وبعد رفض مستشفى القباري القريبة من المكس؛ استقباله لعدم قدرته على سداد قيمة تكاليفها.
واستنكر جمعة الإهمال شبه المتعمد من مسئولي الحكومات المتعاقبة، مؤكدًا أن المكس لم يزورها أي عضو برلماني أو محلي، ولم يستمع لمشاكل مواطنيها، بل يهتمون فقط بغيرها من المناطق التابعة للدائرة، مضيفًا: “كل برلماني بيخدم منطقته، كلمة صياد بتبقى مشكلة عند الحاكم، في عهد مبارك لو عدينا على كمين يا خدونا لما يعرفوا إننا صيادين”.
وقال محمد عبد النبي، صائد بالمكس: إن غلاء الأسعار وصعوبة عملية الصيد أدت إلى انفصاله عن زوجته، مضيفًا: “بيجيلي 50 جنيهًا نور ومشغل تليفزيون بس ومفيش شغل”.