الأنهار (Rivers) :
بالمقارنة مع البحيرات فإن الأنهار أقل عمقاً وتياراتها أكثر اضطراماً ، ولهذا تنكشف مياه النهار بمعدلات أكبر للهواء ، كما أن معدلات الأوكسجين الذائب في مياه الأنهار تكون متجانسة نسبياً على طول النهر وأعماقه المختلفة . ولا يعد مقدار الأوكسجين الذائب من العوامل المحددة في البيئات النهرية إلا إذا دخلت المجاري المائية كميات كبيرة من المواد العضوية القابلة لتحلل .
ومن العوامل المحددة الأساسية في البيئة النهرية اختلاف سرعة تيار الماء من جزء لآخر من النهر ، ففي المنابع تكون القنوات المائية ضيقة وشديدة الانحراف وتظهر الشلالات والمسارع التي تعترض المجرى النهري ، وعليه فإن الأحياء المائية في هذا القطاع تكيفت بأساليب معينة تمكنها من الاستمرار والبقاء ضمن اضطراب التيار المائي إذ تميـل الأحــياء المـائية إلى الالتصـاق بصخـور النهر كالطحالب الخضراء . وتتكيف بعض الكائنات الحية لتلك الظروف بتكون أجهزة امتصاصية (Suction devices) تساعد على ثباتها مثل أفـراخ الضفـادع ويتميز البعض الآخر ببطون لاصقة تساعدها على الالتصاق بالصخر مثل القواقع .
وفي المجرى الأسفل تختفي المسارع ، وتقل سرعة التيار المائي ، وتزداد المجاري المائية اتساعاً ، وتظهر الرواسب في القاع ، وترتفع معها إنتاجية البيئة ، وتظهر أنواع مختلفة من الأسماك . كذلك تكثر في هذا القطاع من النهر النباتات الطافية التي لا تحتمل التيار المضطرم في المجرى الأعلى .
ومن الجدير بالذكر أنه لا تتواجد الطحالب والنباتات الجذرية بكثرة في البيئة النهرية مما تترتب عليه قلة المصادر الغذائية بالمقارنة مع المستهلكات ، ونتيجة لذلك تعتمد المستهلكات على الوارد من الموارد العضوية ، التي تأتي للنهر من البحيرات والأراضي المجاورة التي تتصرف مياهها إلى النهر . كذلك يساعد الجريان السطحي على تزويد البيئة النهرية بالمغذيات النباتية اللازمة لرفع إنتاجية الكائنات النباتية .
وتعتبر الأنهار من المواضع التقليدية للتخلص من النفايات ، دون الأخذ بعين الاعتبار تأثير تلك النفايات في التجمعات الحياتية النهرية ، وقد أدى هذا الوضع إلى تدهور نوعية المياه وتلوثها على طول مئات الكيلومترات من الأنهار ، كذلك ، وكنتيجة لتغير الظروف البيئية ، تغيرت التجمعات الحياتية في بعض الأنهار وتم إحلالها بأنواع أخرى . وأياً كان الأمر فإن استمرار تغير الظروف البيئية ، وتركز المجمعات الصناعية على الأنهار ، واستمرار تصريف مياه المجاري في المناطق الحضرية إلى الأنهار سيؤدي إلى استمرار الضغوط البيئية على النظم الحياتية .