لم يثبت علميا أن كل الكائنات تصوم مثل صيام الإنسان، ولكن لاحظ العلماء أن كثيرًا من الكائنات الحية تمر بفترة صوم اختيارية، رغم توافر الغذاء وذلك بسبب المرض أو في حالة الانتقال من مكان لآخر أو أثناء البيات الشتوي أو الصيفي وغيرها من الأسباب التي تلجأ إليها بعض الكائنات إلى ما يشبه الصيام.
ويرصد صيام بعض أنواع الأسماك الذي قد يصل في بعض الأوقات إلى 4 أو 5 سنوات، وهناك ما يصل إلى الموت:
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}، [الأنعام:38].
سمك السلمون يصوم طوال فترة هجرته، أو حتى يضع بيضه:
هذا النوع من السمك، حين يبدأ بالهجرة من البحار نحو الأنهار للتكاثر، تكون عضلاته محملة بكميات كبيرة من الشحوم، لذلك يلجأ إلى الصوم خلال فترة هجرته وطوال رحلته هذه، والسبب في ذلك أنه عندما يصوم يتخلص من هذه الشحوم، وفقًا لما جاء في كتاب: "نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان"، لسيد بن حسين العفاني.
وقد تحدث الدكتور عبدالحكم عبداللطيف الصعيدي أستاذ علم الحشرات – كلية الزراعة بجامعة الأزهر – كما جاء في وقت سابق على موقع الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية – عن صيام أسماك السلمون قائلا إن: "صيامه الفطري يعتبر أيةً من آيات الله تعالى، وصورة من صور التنوع البيولوجي العجيب، حيث إنها تقضي جانبًا من حياتها يصل إلى نحو 4–7 سنوات في عرض البحار، وعندما تصبح مهيأة للتكاثر، فإنها تتجمع في منطقة بشمال المحيط الأطلسي عبر سباحة شاقة تقطع خلالها 4 أو 5 آلاف كيلومترٍ، ثم تكمل رحلتها هذه إلى حيث تصب الأنهار مياهها في البحر، فيتجه كل نوع إلى الموطن الأصلي الذي نشأ فيه وترعرع"، مضيفًا: "هذه الأسماك تبدأ صيامها بمجرد أن تترك المياه المالحة؛ لتبدأ السباحة في المياه العذبة".
وأما عن سمكة الكارديال والبلطي، فهي تصوم لسبب آخر، بأنها تضع البيض وتحيطه بمادة مخاطية، وتضعه في فمها؛ لتحفظه، وتظل طوال هذه الفترة صائمة حتى تضع بيضها.
صيام 4 أو 5 سنوات:
تمارس بعض الأسماك الرئوية التي تعيش في مستنقعات أفريقيا والأمازون ما يعرف بـ "السبات الصيفي"، حيث إن هذه الأسماك تلجأ عندما تجف المستنقعات وترتفع درجة الحرارة إلى غرس جسمها في طين القاع على عمق نحو نصف المتر مخفية نفسها عن أعين الصيادين، حيث تحفر حفرًا عميقة في الطين، وتبني لنفسها تجويفا من الطين، وتحيط نفسها بمادة لزجة تمنع تبخر ماء جسمها وتتنفس من خلال تشققات قاع المستنقع الهواء الجوي بواسطة رئتها ولا تستعمل خياشيمها –وقتها-، وذلك وفقًا لما جاء في كتاب: "الإنسان وصيام الحيوانات"، لدرويش مصطفى، وموقع الهيئة العامة السابق ذكره.
صيام حتى الموت:
تصوم أسماك "البنجاسيوس" حتى الموت، وعادة ما تصوم هذه الأسماك في بعض الحالات عندما يتم إخراجها من الماء عدة مرات أو عند إطعامها لحوم نيئة أو عند تفريق الذكر عن الأنثى عند التزاوج، ففي هذه الحالات قد تلجأ الأسماك إلى الصيام وبعد فترة من الجوع تبدأ حركتها تقل وتبطئ، ثم تنعدم وتموت.
